عبدالرحمن المرشد

قبل عدة سنوات كنا نسمع عن المبالغ المليارية، التي ينفقها السياح السعوديون خارج المملكة مما حدا بالكثير من الدول للتسابق على اجتذاب تلك الكعكة واقتطاع جزء منها، حيث وصلت تلك المبالغ إلى ما يقارب الـ 70 مليار سنوياً، رقم كبير يغري جميع الدول على جذب ذلك الزائر، الذي عرف عنه الإنفاق، بل يعتبر من أكثر السائحين إنفاقاً على مستوى العالم سواءً من خلال تشغيل المطاعم والفنادق والأسواق وكل المعالم السياحية في البلد، الذي يزورونه بعكس سائحي الكثير من الدول عندما يتجهون إلى أي موقع، فإن السكن الجماعي وفتات الأكل ديدنهم ولا يكادون ينفقون ربع ما ينفقه السائح السعودي، ولذلك نجد في السابق التنافس الكبير من الدول على اجتذاب ذلك الكنز الثمين.

الوضع حالياً اختلف بشكل كبير، حيث تحولت بوصلة السائح السعودي إلى الداخل، وهذا ما كنا نتمناه أن تذهب تلك المبالغ للداخل بدلاً من صرفها في الخارج أو على الأقل نصفها ـ يكفينا نصفها ـ ولنا أن نتخيل تلك المبالغ المليارية عندما تتوجه للداخل بعد أن كانت العكس، هذا التحول يعتبر إنجازا بكل المقاييس.. طالبت ـ وغيري الكثير ـ منذ زمن أن يتم العمل على هذا الموضوع بشكل جدي حتى تحقق الحلم، وهذا يؤكد أن هناك خططا وبرامج مدروسة بدأت تؤتي ثمارها ولله الحمد.

لمست هذا الأمر بنفسي عندما زرت بعض الدول، التي يتجه إليها السعوديون بكثرة في السابق، ووجدت انخفاضاً ملحوظاً في أعداد سائحينا في مقابل ازدياد أعداد الزائرين للمدن الرئيسية لدينا وبالأخص في الرياض وجدة والدمام، وكذلك المدن المتوسطة، التي استقطبت أعدادا هائلة مثل (أبها وجازان وبريدة وتبوك ومدن سواحل البحر الأحمر بشكل عام) لتؤكد أن هناك تنوعاً وتطوراً في مفهوم السياحة السعودية.

المهرجانات والفعاليات والتنظيم السياحي، التي تقام في كل مناطق المملكة بدءًا من موسم الرياض وانتهاء في أصغر مدينة حققت المطلوب وقلبت البوصلة السياحية إلى الداخل محققة دخلاً اقتصادياً مهماً يرفع من نسبة الدخل غير النفطي في المدخول القومي تماشياً مع رؤية المملكة 2030، التي أكدت تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط فقط.

نستطيع أن نطلق على هذه المرحلة ـ موسم الهجرة للداخل ـ، حيث توجه السائح السعودي لكل مناطق مملكتنا، التي تزخر بالكثير من المناطق المتنوعة سياحياً وبيئياً لتؤكد أننا وجهة السياحة العالمية القادمة.

@almarshad_1