د. لمياء عبدالمحسن البراهيم

صارت الاستعانة بالمشاهير على مستوى الإعلام والعلاقات والتوعية مألوفة في المؤسسات الخدمية، ويتاح للمشاهير ما لا يتاح للوسائل الإعلامية ولا المثقفين ولا المتخصصين سواء كان من المعلومات أو الامتيازات أو حتى التكريم على مساهماته المدفوعة أصلا بناء على عدد متابعيه.

لا أتحامل على المشاهير، فهم يملكون الذكاء العاطفي لمعرفة ما يلامس الجمهور، كما أن عدسة جوالهم وشجاعتهم استطاعت أن تكشف ما لم تستطع وسائل الإعلام التقليدية كشفه بسبب قيود النشر والمحاذير واللوائح، التي باتت تكبل الإعلام التقليدي بشكل أكبر مع ضبابية تفسير اللوائح لتكون ضمن اجتهادات الأفراد.

كما أن الشهرة لها مكاسب مالية ترفع بيوت لا عماد لها ما جعل المشاهير يسعون بأي وسيلة ولو كانت ملتوية للاستمرار كمعلنين لجذب المستهلك، غالبا غير الواعي أو الباحث عن الإثارة متحملين بذلك النقد والشكاوى القانونية.

في الجهات الخدمية أو اللاربحية، فالاستعانة بالمؤثرين له ميزة نشر الأخبار والإنجازات لشريحة مجتمعية كبيرة وبصورة سريعة، إضافة للمساهمة في تحسين السمعة المؤسسية، ويمكن تحقيق مكاسب عدة من الاستعانة بالمؤثرين في التوعية متى ما تم إمدادهم بالمعلومة وإشراكهم ضمن المسؤولية المجتمعية ضمن ضوابط تحقق المصلحة العامة وبكلفة معقولة، وموضوعية المنجز أو الخدمة التي تم تسويقها، مع التفريق بين النظرة التسويقية المتجردة، التي لا تفرق بين الخدمة والسلعة والمشهور المعلن من حيث الأخلاقيات، خصوصا لو كانت لخدمات مجانية كما في القطاع الخدمي الحكومي، وأن الانبهار الرقمي والادعاءات بالمشاهدات المليونية تأثيرها وقتي للظهور الإعلامي متى ما كانت بدون أساس منهجي يربط الإنجاز برسالة وقيم وخطة الإستراتيجية للمنظمة، بل قد يكون وبالا عليها بارتفاع سقف التوقعات للخدمات المقدمة مما يتسبب بزيادة تذمر المستفيدين.

التأثير الوقتي للتسويق قد ينفع في التعامل مع الجماهير الاستهلاكية، التي يبهرها طريقة تقديم السلعة وتصويرها بأجهزتهم الذكية، لكن واقعيا فجودة السلعة أو الخدمة هي التي تؤكد ما تم تسويقه فيها، ويقاس ذلك بما يسمى استطلاع المستفيدين، وهو أحد أدوات الجودة نحو التحسين المستمر والتطوير.

ويمكن للإعلام أن يقوم بدوره المنوط به من ربط المستفيدين بالجهات الخدمية واستطلاع الرأي لكن بإتاحة المجال للنقد بدون الملاحقة والمساءلة، التي قد تتسبب بالضرر، وقد انتقد مجلس الشورى هيئة حقوق الإنسان بسبب صمتها عن الجهات الحكومية، التي تستخدم نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بالغرامة والسجن لمنع المواطنين من حقهم في تقييم أداء تلك الجهات أو توجيه النقد لها، مما تسبب في تراجع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، والتجاوزات الإدارية والمالية في بعض الجهات وتعثر المشاريع وتوقف بعضها، كما أكد الشورى أن النقد حق أساسي مكفول في الشريعة والأنظمة المحلية والاتفاقيات الدولية، ورأي المستفيد من الأهمية ليقاس به الأثر، وقد يقدم قراءة مبتكرة تحمل الجديد من الأفكار، التي تساهم في إثراء مدونة المعرفة المؤسسية، حتى لو لم تحقق فلاشات وأضواء ولكنها هي الأساس، التي لأجله قامت المؤسسات الخدمية حكومية كانت أو لاربحية، والإنجاز المستدام يكمن بالتنافسية المعيارية وتحقيق رضا المستفيدين وإشراك أصحاب المصلحة.

DrLalibrahim@