عبدالله الغنام

لعلي أبدأ المقال بجملة تختصر عليكم ما أريد قوله، وتكفيكم عناء قراءة المقال بطوله خصوصا أننا في عصر التقنية والسرعة، وهي: إذا انتظرت من العطاء ردا للعطاء، فليس ذلك بعطاء!

إن الأصل في العمل التطوعي هو البذل من أجل إسعاد الآخرين ومساعدتهم، وقضاء حوائجهم بلا من ولا أذى. ويكفي في ذلك الفضل ما جاء في الحديث النبوي: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».

وتعريف العمل التطوعي رسميا وبحسب نص النظام هو: «كل جهد أو عمل يقدمه شخص ذو صفة طبيعية أو اعتبارية، بطوعه واختياره، رغبة في خدمة المجتمع وتنميته». وأما المتطوع فهو: «كل من يقدم عملا تطوعيا، دون اشتراط مقابل مادي أو معنوي».

ومن هنا نرى أن قيمة التطوع في تقديم العطاء دون انتظار الجزاء أو رد الجميل أو الطمع في المقابل المادي أو حتى المعنوي. حيث يتجلى في أن يكون العمل والجهد خالصين لله، ثم لخدمة الوطن والمجتمع، وبهذا المبدأ سوف تبذل ما عندك وأنت مرتاح البال لأنك لا تنتظر جزاء ولا شكورا من أحد أو من جهة. وبوضوح أكثر العمل التطوعي الخالص من الشوائب هو نافذة للشعور بالسعادة.

بل ربما ستجد أن انتظار مقابل على ما تقدمه من عمل تطوعي يفسد الفرحة التي بين جنبيك! وحنى نفهم ذلك الإحساس والشعور انظر إلى فرحة الآباء والأمهات حين يقدمون العطاء والبذل للأبناء وهم لا ينتظرون منهم ردا للجميل. واعتقد أن العمل التطوعي مشابه لتلك الحالة مع الفرق بين الحالتين في رحمة القلوب الغريزة الفطرية لدى الوالدين.

والعمل التطوعي هو جهد وعمل قد يكون على صور كثيرة ومتنوعة وفي مناسبات مختلفة، فالكلمة عمل، والفكرة عمل، والجهد البدني المبذول عمل، ومن كرم الله علينا أنه لا يضيع أجر من أحسن عملا.

ونحن نتحدث عن هذا الموضوع وفي هذا الشهر لأنه مر علينا يوم يسمى (اليوم الدولي للمتطوعين). وهو يوافق الخامس من شهر ديسمبر من كل سنة. والتطوع الأصل فيه أنه من أجل الأعمال الخيرية والإنسانية. وهو يستحق أن يكون له يوم عالمي في كل شهر يذكرنا أن نبذل شيئا منا للآخرين، وحتى يكون دافعا لنا ومحفزا، وإن كان المحفز الداخلي فيه كل الوقود والخير، وكذلك الأجر والثواب هما من أعظم المحفزات والدوافع.

ومما لا شك فيه أن العمل التطوعي حين يكون منظما ورسميا وموثقا يكون أكثر كفاءة، وأفضل عطاء، وأطول نفسا، وأحسن أداء.

صحيح أننا قلنا إنه لا يراد به المقابل المادي، ولكن الثناء على ما يقدمه المتطوعون وشكرهم يثلج الصدر ويكون محفزا أكثر للعمل. والنفس البشرية تساعدها الكلمة الإيجابية الحسنة لبذل جهد أكبر وأفضل. ويمكن أيضا للجهات المستفيدة تكريم المتطوعين سنويا أو شهريا أو حوافز متنوعة بحسب الطرق الرسمية والنظامية.

والعمل التطوعي جزء من المنظومة المجتمعية، وبحسب رؤية (2030) فإن الهدف المنشود والطموح هو مليون متطوع للمساعدة في مجالات شتى. ومن أجل أن يكون العمل منظما ومهنيا فقد أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية (المنصة الوطنية للعمل التطوعي) من أجل تنظيم العمل وتسجيل المتطوعين وحفظ حقوقهم.

وفي العمل التطوعي تحاول أن تعمل في المجال الذي تجد نفسك فيه وتحسنه حتى يكون البذل والعطاء منك متوهجا، فحين يكون هناك توافق بين الميول والدافع والقدرات والمهارات ترتاح النفوس وتعطي بسخاء وسرور.

وخلاصة القول، حين تفكر في العمل التطوعي اجعل حافزك داخليا حتى يدوم!

توتيرabdullaghannam@