فهد سعدون الخالدي

في ظل الظروف العالمية لا يستغرب أن تسجل الميزانية عجزاً في الإيرادات، ولكن المستغرب أن تحقق الميزانية فائضاً ناهز تسعين مليار ريال، وإن مقارنة بين ميزانية العام بالذي سبقه تعطي صورة أكثر وضوحاً عن النجاحات، التي حققتها بلادنا على الصعيد الاقتصادي، حيث بلغت الإيرادات في العام 21 تسعمائة وثلاثين مليار ريال، فيما بلغت في 22 ألفاً وخمسة وأربعين ملياراً، وانخفضت النفقات لنفس العام إلى تسعمائة وخمسة وخمسين ملياراً بعد أن بلغت في العام السابق ألفاً وخمسة عشر مليار ريال، وبينما سجل العجز هذا العام ثمانية وخمسين مليار ريال، فقد بلغ الفائض في العام 2022 تسعين مليون ريال. هذه المقارنة وبلغة الأرقام، التي هي أبلغ اللغات وأدقها توضح أن الميزانية مدعومة ببرامج الرؤية تحقق إنجازات رغم الظروف العالمية وتبشر بتحقيق المزيد -بإذن الله-، وتوضح أيضاً تنامي الإيرادات غير النفطية بما يناهز 38 % تقريباً، وهي تؤكد أيضاً تحقيق مستهدفات الرؤية بزيادة حصة الإيرادات غير النفطية في الدخل الوطني وصولاً إلى عدم الاعتماد الكلي على الموارد النفطية في تمويل المشاريع. كما أن نظرة على مجالات الإنفاق توضح دقة ترتيب الأولويات، فقد كان للتعليم نصيب الأسد، حيث بلغت النفقات التقديرية مائة وخمسة وثمانين مليار ريال تلاه قطاع البنود العامة بمائة واثنين وثمانين مليار ريال، ثم الخدمات الصحية بما يقارب مائة وأربعين مليار ريال ثم القطاعات الأمنية والعسكرية بما يقارب مائة واثنين وسبعين مليار ريال. وقد رافق الإعلان عن الميزانية العديد من المؤشرات الإيجابية منها تحقيق وفورات في الإنفاق بلغت مائة وعشرين مليار ريال خلال العام الماضي، وانخفاض معدل البطالة والزيادة في فرص العمل المتاحة في كل القطاعات لا سيما القطاع الخاص، وبلوغ مستوى الناتج المحلي 7.4 %، فيما بلغ خلال العام السابق 2.9 %، وكذلك ضخ 27 تريليون ريال في الاقتصاد الوطني منها عشرة تريليونات من الإنفاق الحكومي، ولو حاولنا مقارنة ميزانية هذا العام مع الميزانيات السابقة، فهي خامس أضخم ميزانية في تاريخ المملكة وهي تعادل نحو ستين ألف ضعف أول ميزانية للمملكة العربية السعودية، حيث بلغت تلك الميزانية عام 1934م حوالي (14) مليون ريال، وهذا يوضح والحمد لله ما حققته وما زالت بلادنا كل عام من إنجازات تبشر بتحقيق المزيد من المنعة لهذه البلاد، التي تملك من عقول أبنائها وخبراتهم وكفاءاتهم ما يهيئ لها بعد عون الله رسم معالم مستقبل أفضل لأجيالها القادمة وللمواطنين والمقيمين في جميع الأحوال، ومما يطمن أيضاً أن بناء الميزانية يتم وفق أحدث المعطيات ووفق أربعة سيناريوهات أحدها تقدير النفقات وفق برامج الاستدامة المالية، فيما استند السيناريو الأساسي على تطورات الأسواق العالمية، وهو المستخدم في تقدير الإيرادات، كما وضعت سيناريو يفترض إيرادات أقل من الأساسي، وكلاهما ستحققان فيهما المملكة فائضاً مالياً يتراوح -بإذن الله- بين ستة وثلاثين ومائة وخمسة وسبعين مليار ريال.. والله نسأل أن يوفق بلادنا وقيادتنا إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وأن يديم علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وأن يعيد العام وكل عام بالخير والأمن والسلام.

@Fahad_otaish