سالم اليامي

انتهت القمة الخليجية الثانية والأربعون مساء الثلاثاء 14 ديسمبر 2021م، ولم يكد الحبر الذي كتب به بيانها الختامي الذي قال للإقليم، والعالم إن أهل الخليج يقفون صفاً واحداً، ووقفة رجل واحد في مواجهة التحديات القديمة، والجديدة، وفي معالجة المتغيرات الدولية، إلا وصدر بيان من وزارة خارجية ما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران، الذي بدأ محتقناً إلى أبعد درجة، ومن يعرف طبيعة الصراع الإقليمي بين دول الخليج العربية ودولة الميليشيا الكبيرة المعروفة بالحرس الثوري يدرك أن أهل الخليج استطاعوا أن يحققوا خطوة في مواجهة إيران عندما قامت بينهم مصالحة مع الذات، تؤكد المصير المشترك، والمنافع المشتركة، والوقوف صفاً واحداً، وصوتاً واحداً في وجه تحديات الإقليم، التي من أبرزها تهديدات الحرس الثوري لأمن واستقرار المنطقة. البيان الإيراني شعر بأن المملكة وبمعية شقيقاتها الخليجية سجلوا نقطة إيجابية بالاتفاق على المشتركات وتسمية الأشياء بأسمائها، وإطلاق تسمية الحزب الإرهابي على ما يسمى بحزب الله اللبناني الصنيعة الإيرانية الخالصة، هذه التسمية كانت مكان تجنب في بعض العواصم الخليجية لكن يبدو أن ذلك أصبح، وسيصبح من الماضي بعد قمة العزم 2021م، ومَن يتفحص البيان الختامي الذي صدر عن قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام دورة المجلس الثانية والأربعين، يدرك أن دول الخليج لم تخرج في مخاطبته للجارة إيران عن قواعد وسلوكيات الأدب، والدبلوماسية في العلاقات الدولية، حيث تمت الدعوة لدولة ميليشيا الحرس الثوري بأن تحاول أن تكون دولة طبيعية وتتعامل مع الدول العربية الخليجية بما تقره الأعراف والمواثيق الدولية، من حسن الجوار، وإعمال مبادئ التعاون، والصداقة كما هي مقررة في ميثاق هيئة الأمم المتحدة. دول الخليج العربية دول محبة للسلام، والبناء، والتنمية، وتأمل أن يحدث تطور في الجانب المقابل، ولكن ليس كل الأمنيات، والتوقعات تصدق، أو تحصل خاصة عندما يعتلي السلطة جماعة من السلطويين، الذين لا يرون في دول الجوار سوى دول مفككة يفترض فيها حسب النظرة التقليدية الإيرانية أن تكون تابعة للحرس الثوري وللنظريات، التي تؤسس لبناء أم قرى جديدة في إيران تكون بديلاً لقبلة المسلمين بيت الله الحرام. التهديد كسلوك خارج عن قيم وأعراف المجتمع الدولي الدول، التي تحترم نفسها كان واضحاً في البيان الإيراني، الذي وصف بعض دول الخليج بأنها تختبئ وراء مجلس التعاون، إن أكبر تعبير استطاع البيان الوصول إليه لتوصيف حالة الوحدة الخليجية الأولية هو وصفها بغير البناءة من وجهة النظر الإيرانية، والخطأ الذي وقع فيه البيان الإيراني هو الدعوة لدول الخليج العربية إلى أمرين الأول: التعاون، والثاني الحوار. ومن المؤسف أن تفسير مفهوم التعاون في الذهنية الميليشياوية الإيرانية يعني وبدون مواربة الخضوع للهيمنة الإيرانية القوة الأكبر في المنطقة بحسب زعمهم المتواضع، والساذج. ولعل آخر هذه الدعوات فتح أكثر من بوق ميليشياوي إيراني إلى ما سمي باتفاق هرمز، الذي اقترحته قيادة سياسية كبيرة لديهم. الغريب والعجيب أن هذه الثورة الجامحة لا تعترف بالتعاون مع المحيط الدولي كله وليس مع دول الخليج فحسب. أما الجزئية الثانية، التي هي الحوار فالدعوة إليها دعوة باطلة لأن الأمر ببساطة فاقد الشيء لا يعطيه، فقوات الحرس الثوري تبحث عن اتباع لا أنداد يحاورون ويطلبون ويقدمون مقابل ما يحصلون عليه كما هي صيرورة العلاقات الدولية، إيران تنفخ في مفردة الحوار، وتدعو إليه وكأن الحوار اختراع إيراني وكأن دول المنطقة، التي يتجاوز عمر بعضها ثلاثمائة سنة لا يعرف معنى، وطبيعة الحوار وأهميته في العلاقات الدولية. أهل الخليج قالوا كلمتهم، ودعوا دولة الميليشيا للتعاون إن استطاعت أن تصبح دولة، وإن أصرت على أن تبقى ثورة بائسة تحارب العالم وتسمم أجواء العلاقات بين الدول، فهذا شأنها الذي سيجعلها بلداً معزولاً حتى إن امتلك أقوى وأحدث الأسلحة، سواء النووية، أو التقليدية.

@salemalyami