ترجمة: إسلام فرج

بسبب تغلغلها في جميع أنحاء البلاد وقدرتها على التخريب من الداخل

قالت صحيفة «فينانشال تايمز» البريطانية: إن الصين وليس الولايات المتحدة تشكل أكبر تهديد لكوريا الشمالية في نظر المسؤولين في بيونغ يانغ.

وبحسب تقرير للصحيفة، استغل الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون جائحة فيروس كورونا وأجج المنافسة بين بكين وواشنطن لتعزيز سيطرة نظامه على الاقتصاد وإغلاق الحدود التي كانت سهلة الاختراق مع الصين.

وأضاف: استخدم كيم، الذي سيتولى السلطة لمدة 10 سنوات هذا الشهر، إغلاقًا شديدًا فُرض في أعقاب الفيروس لطرد الدبلوماسيين الأجانب وعمال الإغاثة وتشديد الضوابط الاجتماعية.

وتابع: أصبحت العزلة شبه الكاملة للبلاد ممكنة بسبب تصميم بكين على الإبقاء على حكومة كيم وتقسيم شبه الجزيرة الكورية، حتى في الوقت الذي لا توافق فيه على برامج بيونغ يانغ النووية والصاروخية.

ومضى يقول: لكن المحللين يجادلون بأن اعتماد بيونغ يانغ على بكين غير مريح للغاية للمسؤولين الكوريين الشماليين الذين رأوا الصين، وليس الولايات المتحدة، على أنها التهديد الرئيسي لبقاء النظام على المدى الطويل.

ونقل عن أندريه لانكوف، الخبير في شؤون كوريا الشمالية في جامعة «كوكمين» في سيول، قوله: إن الاعتقاد السائد حول التضامن الأيديولوجي بين كوريا الشمالية والصين لا أساس له على الإطلاق. أي ضابط استخبارات كوري شمالي سيخبرك بأن الصين هي أكبر تهديد للأمن الداخلي بسبب قدرتها على التعطيل من الداخل.

جذور الكراهية

ولفت تقرير «فينانشال تايمز» إلى أن جذور الكراهية بين البلدين الشيوعيين تعود إلى دور الصين في إنقاذ كوريا الشمالية أثناء الحرب الكورية والخوف اللاحق من التسلل الصيني إلى بيونغ يانغ.

وأردف: وقال محللون «إن رفض بيونغ يانغ الاعتراف بديونها يتعارض مع بكين، يخفي تاريخ كوريا الشمالية ماضي المؤسس كيم إيل سونغ كعضو في الحزب الشيوعي الصيني، في حين أن الرواية الرسمية للنظام المكونة من 70 صفحة عن الحرب الكورية 1950-1953 تشير فقط إلى تورط الصين».

وتابع: بعد الحرب، قام كيم إيل سونغ بالتخلص من أي شخص له علاقات وثيقة مع الصين، وهي العملية التي بلغت ذروتها برحيل جميع القوات الصينية المتبقية في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي.

ونقل عن يون صن، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون للأبحاث بواشنطن، قوله: الكوريون الشماليون لديهم قول مأثور هو «اليابان هي عدو 100 عام، لكن الصين هي عدو 1000 عام».

وتابع تقرير الصحيفة البريطانية: ظلت العلاقات متوترة خلال الحرب الباردة، حيث استغلت كوريا الشمالية الخلافات بين الصين والاتحاد السوفيتي، واستضافت بكين بدورها منشقين كوريين شماليين رفيعي المستوى كقادة محتملين لنظام أكثر تساهلاً في بيونغ يانغ.

وتابع: بالنسبة لكوريا الشمالية، جاءت الخيانة الكبرى في 1992 عندما قامت الصين بتطبيع العلاقات مع كوريا الجنوبية دون السعي للحصول على اعتراف أمريكي متبادل بالشمال.

ونقل عن جون ديلوري، أستاذ الدراسات الصينية في جامعة «يونسي» في سيول، قوله: لقد ألقى الصينيون ببيونغ يانغ في غمضة عين.

محاربة بكين

ومضى التقرير يقول: واصلت كوريا الشمالية محاربة بكين بتطوير أسلحتها النووية وتصميمها على الحد من النفوذ الصيني داخل حدودها، وتعثرت العديد من المشاريع المشتركة.

وأشار إلى أنه في 2012، صادر المسؤولون الكوريون الشماليون منشأة تعدين خام الحديد التي بنتها مجموعة Xiyang الصينية في جنوب غرب كوريا الشمالية، مما أدى إلى ترحيل عمال الشركة الصينيين. وأضاف: لا يزال الجسر المعلق فوق نهر يالو الذي يربط مدينة داندونغ الصينية بمدينة «سينويجو» الكورية الشمالية منفصلاً عن شبكة الطرق في كوريا الشمالية، ولم يتم استخدامه منذ اكتماله في عام 2013، على حساب الصين.

ونقل عن ديلوري، قوله: بالنسبة للكوريين الشماليين، فإن فتح اقتصادهم أمام بكين يعني تسليم المفاتيح لها، عندما قررت بيونغ يانغ تركيب شبكة بدائية للهاتف المحمول، اختارت شركة مصرية.

وتابع ديلوري: إذا كنت قلقًا بشأن الحرب، فأنت قلق بشأن الولايات المتحدة، ولكن إذا كنت قلقًا بشأن التخريب أو الانقلاب، فأنت أكثر قلقًا بشأن الصين.

ومضى يقول: في 2013، أعدم كيم جونغ أون عمه جانغ سونغ ثايك، وهو مسؤول كبير يعتقد أن له علاقات وثيقة مع المسؤولين الصينيين، تبع ذلك القتل المذهل في عام 2017 للأخ غير الشقيق لكيم، كيم جونغ نام، الذي كان يعيش تحت الحماية الصينية. وأردف: عندما اختبر كيم صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات قادرًا على ضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة في 2017 والتهديد بالرد الأمريكي، اتخذت الصين خطوة غير مسبوقة بالموافقة على فرض عقوبات صارمة من الأمم المتحدة على بيونغ يانغ.

منطقة عازلة

وأشار إلى أن هذه العقوبات لا تزال سارية، حيث أدى إغلاق كيم إلى تسريع الانهيار الفعلي لاقتصاد كوريا الشمالية، مما جعل النظام أكثر اعتمادًا على الإمدادات من الصين.

ونقل عن محللين، قولهم: إن رغبة الصين الطاغية في إبقاء كوريا الشمالية منطقة عازلة بينها وبين عشرات الآلاف من القوات الأمريكية المتمركزة في كوريا الجنوبية تعني أنها ستواصل تزويد كيم بشريان الحياة، ولكن ليس أكثر من ذلك.

وأردفت الصحيفة البريطانية: تم تعزيز هذا الهدف خلال فترة الدبلوماسية المسرحية بين كيم والرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، الأمر الذي أثار مخاوف في بكين من أن كيم قد يبرم صفقة كبرى مع واشنطن ويتخلى عن حماية الصين تمامًا.

ونقل عن صن من مركز ستيمسون، قوله: المنافسة بين الولايات المتحدة والصين مفيدة لكيم من حيث بقاء نظامه، لأن فرص تخلي بكين عنه، مهما كانت صغيرة، لم تعد موجودة، لكن الصين تفعل الحد الأدنى، الموقف هو أن الكوريين الشماليين لن يموتوا جوعا، لكن لن يتم إطعامهم بشكل كامل أيضًا.

وأشار التقرير إلى وجود علامات أولية على إعادة فتح تجارة الأراضي بين البلدين، مضيفا: تشير صور الأقمار الصناعية إلى أن كوريا الشمالية أعدت مواقع تطهير خاصة للبضائع القادمة عبر الحدود بالقطار، في حين أعلنت مدينة داندونغ الصينية مؤخرًا عن عطاءات ناجحة للشركات لتحديث المرافق الجمركية على الجانب الصيني من الجسر المؤدي إلى سينويجو.

ونقل عن لانكوف، قوله: لدى الصين 3 أولويات رئيسية في شبه الجزيرة الكورية هي الاستقرار، والانقسام، ونزع السلاح النووي، لكن الاستقرار والانقسام يأتيان أولاً.