د. شجاع البقمي يكتب:@shujaa_albogmi

مما لا شك فيه أن الإنفاق الحكومي والاستثماري يمثل مرتكزا مهما لحيوية أي اقتصاد يتطلع للنمو ومواجهة جميع الظروف الاستثنائية التي قد يواجهها بسبب الأزمات التي قد تطرأ، وفي ضوء ذلك ما زالت جائحة كورونا ومتحوراتها تمثل اختبارا صعبا للكثير من دول العالم، وهو الاختبار الذي نجحت المملكة ولله الحمد في التعامل معه بكل حيوية وكفاءة واقتدار.

وتشهد المملكة بعد الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة «كوفيد-19» على مدى عامين متتاليين، عودة تدريجية للنشاط الاقتصادي والاجتماعي لمستويات ما قبل الجائحة، حيث استطاعت الحكومة التعامل معها من خلال تبني سياسات متوازنة تمثلت في تقديم دعم قوي للقطاع الصحي والقطاع الخاص، مع الأخذ في الاعتبار الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل. وقد انعكست تلك السياسات إيجابا بصورة كبيرة على تعافي الاقتصاد المحلي الذي شهد نموا متسارعا في عدد من الأنشطة الاقتصادية.

وتدعم الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022 مرحلة ما بعد الجائحة وتستكمل خلالها مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهادفة لتعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية معا على المدى المتوسط، وتقوية المركز المالي للمملكة للتعامل مع الصدمات الخارجية.

وتقوم ميزانية 2022 على ثلاث ركائز رئيسة: أولا، ضمان الاستدامة المالية العامة من خلال تعزيز الإيرادات غير النفطية وضبط النفقات، ثانيا، تمكين القطاع الخاص من خلال برامج مخصصة لدعم نشاطه وتعزيز مساهمته في الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى المشاريع والبرامج التي تقوم بها الصناديق التنموية، ثالثا، تنفيذ إصلاحات هيكلية أوسع، ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية تسهم في تعزيز ديناميكية الاقتصاد ومواكبته المتغيرات العالمية المتسارعة.

تعكس ميزانية عام 2022 استمرار الأثر المالي لمبادرات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذنها الحكومة في السنوات السابقة، مع استمرار جهود رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، بالإضافة إلى تنمية الإيرادات غير النفطية وتحسين تحصيلها.

نجحت الحكومة في السيطرة على معدلات العجز خلال السنوات الماضية وتقليصه بشكل تدريجي من مستويات بلغت 12.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 حتى بلغت 2.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021، ومن المتوقع أن تشهد المالية العامة تحقيق فوائض مالية ابتداء من العام 2022 وعلى المدى المتوسط.

ويشهد اقتصاد المملكة تناميا مستمرا في دور الممكنات الاقتصادية الداعمة للقطاع الخاص، ويأتي على رأس تلك الممكنات المساهمة التنموية الفعالة من المشاريع والبرامج التي يقوم بها كل من صندوق الاستثمارات العامة، وصندوق التنمية الوطني.

وتعكس الميزانية والإطار المالي متوسط المدى استمرار الإنفاق على الخدمات الحكومية، والبنية التحتية، والبرامج الاجتماعية، بالإضافة إلى برامج تحقيق الرؤية الأخرى مثل برنامج التحول الوطني وبرامج جودة الحياة وخدمة ضيوف الرحمن، والمشاريع الكبرى مثل السعودية الخضراء، حيث إن هذه البرامج من شأنها أن تحقق تغيرات هيكلية إيجابية في هذه القطاعات، وبما ينعكس إيجابيا على مستوى جودة حياة المواطنين والخدمات المقدمة لهم.