د ب أ - واشنطن

ربما يعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الوقت مناسب لغزو أوكرانيا إذا ما رفض الناتو مطالبه، وتوضح الدلائل أن بوتين يرى إدارة بايدن ضعيفة بعد الانسحاب من أفغانستان.

وكانت روسيا قد شعرت في عام 2014 أنها واثقة بما فيه الكفاية لضم شبه جزيرة القرم، وفرض شروط مجحفة على أوكرانيا، ويعتبر حشد 170 ألف جندي على حدود أوكرانيا أمرا مبالغا فيه كإشارة دبلوماسية، ويمثل تهديدا هجوميا.

وفي ضوء ما تم ذكره يتساءل تيرانس كيلي نائب رئيس ومدير قسم أبحاث الأمن الداخلي بمؤسسة البحث والتطوير الأمريكية (راند)، وتيموثي بوندز أحد كبار الزملاء، ومايكل جونسون محلل الأبحاث العسكرية بمؤسسة راند في تقرير نشره موقع «راند»، عن كيف يمكن ردع بوتين.

ويقول الباحثون الثلاثة إنه ربما يبحث بوتين عن فرصة لإعادة ترسيخ مجال نفوذ روسيا، إذ يعتبر بوتين انهيار الاتحاد السوفيتي كارثة ذات أبعاد تاريخية، ويرى أن استعادة أوكرانيا ستؤدي أيضا إلى تعزيز صورته كرئيس قوي استطاع تغيير حالة الانحدار التي شهدتها روسيا، واستعادة مركزها الجيوسياسي، وفي حقيقة الأمر لا تمثل أي من قوات الناتو البرية في أوروبا الحالية أو المقترحة أي تهديد أكيد لروسيا.

وتتراوح المواقف بالنسبة لما ينبغي أن تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون ما بين تشجيع أوكرانيا على سرعة تنفيذ الجوانب غير القابلة للنقاش من بروتوكول مينسك، والتصرف بعناية لإظهار الالتزام دون التسبب في أي استفزاز، وإحياء الجهود الخاصة بتسليح أوكرانيا.

وتردد أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال إن «الدبلوماسية هي الوسيلة المسؤولة لحسم هذه الأزمة المحتملة».

ويمكن القول إنه يعني بهذا أن أي اندفاع طائش نحو نزاع مع روسيا أمر غير حكيم، وإن الدبلوماسية أثناء أوقات النزاع المحتمل تشمل مراعاة خطر العواقب العسكرية.

وأعرب الباحثون عن اتفاقهم مع هذا الرأي، وقالوا إنه مع ذلك فإنه إذا ما قامت روسيا بغزو أوكرانيا وتنصيب حكومة صديقة لها، وأقامت دولة عازلة، فإن ذلك سوف يغير التوازن الإستراتيجي في أوروبا أكثر مما أسفر عنه ضم شبه جزيرة القرم.

ونظرا لأن القوات الروسية تتمتع بتأمين جبهتها الجنوبية، ووجود بيلاروس في نطاق النفوذ الروسي بشكل حاسم، فإنه يمكنها أن تمثل تهديدا مباشرا لبولندا وتعزل دول البلطيق.

ومن المحتمل أيضا أنه من الممكن أن يكون هذا هو بداية حرب باردة، ومن الممكن أيضا أن يقلل ذلك بدرجة كبيرة من قدرة الولايات المتحدة على إدارة التنافس مع الصين.

وقال الباحثون إنه تماشيا مع الحاجة إلى «التحديد» عند وضع أي مفاهيم للحرب، فإنه بوسع الناتو تبنى إستراتيجية مزدوجة للحفاظ على وضع أوكرانيا المستقل، وردع اندلاع أي حرب جديدة في أوروبا.

وكما اقترح هنري كيسنجر في عام 2014، يمكن أن ترفض الولايات المتحدة التوسع في عضوية الناتو، ولكن مع الإصرار على أن تظل أوكرانيا حرة في أن تحكم نفسها دون ضغط.

ويمكن للناتو والاتحاد الأوروبي أن يحددا بوضوح التكاليف الاقتصادية لأي عدوان روسي، بما في ذلك وضع إستراتيجية لإنهاء اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي الروسي. ومن الممكن أن تعلن الولايات المتحدة عن اعتزامها تزويد أوكرانيا بالأسلحة، ودعم المقاومة طويلة الأمد للاحتلال الروسي إذا لزم الأمر.

وأكد الباحثون أن العدوان الروسي المتجدد يمكن أن يشكل أيضا أخطارا جسيمة بالنسبة لأوروبا، وليس فقط لأوكرانيا، وفي ظل استعدادات روسيا للضغط على أوكرانيا أو غزوها والمخاوف من احتمال أن تفعل الشيء نفسه في دول البلطيق، ما زال لدى الناتو وقت للتعرف على التهديد الروسي، والاتفاق على إستراتيجية دفاعية جديدة، ووقف خفض الميزانيات العسكرية، ووضع خطة دفاع قوية، وإعداد القوات اللازمة لتنفيذها، واستعادة التدريب والاستعداد، وتحسين وضعه، وإلا سيواجه الناتو خطر حدوث أمر واقع في بولندا ودول البلطيق.