خالد أحمد العبيد

في كل دول العالم يعد الاستثمار الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع، وهو ما تعكسه السياسات الاجتماعية في المملكة من خلال تلمس احتياج الأفراد من مواطنين ومقيمين، والسعي لتنمية كفاءتهم وتطوير أدائهم ومشاركتهم بالقرار.

لهذا يساهم الاستثمار الاجتماعي في تحقيق التنمية المستدامة بالمجتمع عندما نعمل عليه من خلال التعرف على الإمكانات والاحتياجات الأساسية، ومن ثم السعي لتلبيتها ودعمها.

وبما أن بناء الأمم وتطويرها مسؤولية عامة يلتزم بھا الجميع ولا يُستثنى أحد من القيام بدوره وواجبه الوطني في هذا الشأن وغيره، كل في مجاله وحسب إمكاناته، فالمملكة تسعى دائمًا إلى ترسيخ وجودھا الحضاري بسواعد أبنائھا، بعطائهم ووفائهم لهذا الوطن العظيم وإخلاصهم في أداء واجباتهم الوطنية.

وحتى تتحقق تلك الغاية لابد من توافر الدعم والعديد من المقومات، ومنها إشراك أفراد المجتمع في القرار، وتوافر الدعم المالي بهدف تطوير وتنفيذ المشاريع الاجتماعية التنموية ذات الأثر المستدام، والتركيز على توزيع تلك المنح بين المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وفي المراحل المتقدمة يتم دمجها مع بعضها البعض تدريجياً باحترافية عالية لتقدم حلولاً تركز على التنمية المناطقية والمحلية، وتهدف برامج الاستثمار الاجتماعي في وجهة نظرنا إلى تعظيم أوجه التكامل بين المشاريع من خلال ثلاثة مجالات أساسية وهي: (التعليم والابتكار، البيئة والصحة، الازدهار الاقتصادي).

ولهذا يحتل تعليم الشباب مكانة بارزة ضمن أولويات رؤية المملكة 2030، فالاستثمار في تعليمهم وتمكينهم وتطوير قدراتهم وتحسين مهاراتهم يعزز الفرص المتاحة أمامهم للدخول إلى سوق العمل، فامتلاك قوى عاملة مدربة ومؤهلة بشكل صحيح يعني رفع مستوى الإنتاجية المجتمعية، كما يعزز ذلك من روح الابتكار، ويسهم في توفير قاعدة أوسع من الموارد البشرية القادرة على دعم مختلف قطاعات الأعمال والنهوض بمنظومة ريادة الأعمال ككل.

وإيمانًا بأهمية دور التدريب والتأهيل في تزويد الشباب بالمعرفة وتوضيح دورهم في تحقيق التنمية المستدامة، نرى اليوم ما توليه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من اهتمام كبير في مجال التدريب والتأهيل من خلال البرامج التي تقدمها، لتطوير قدرة الشباب ومساعدتهم على التكيف مع التغيرات السريعة والتوجهات الابتكارية التي تميز سوق العمل، ولم تكتف الوزارة بالاهتمام بتدريب وتأهيل الشباب، بل عززت ذلك بتوطين أغلب المهن العليا.

أما فيما يخص البيئة والصحة، فنلاحظ ما تقوم به الإدارة العامة للمسؤولية الاجتماعية بوزارة الموارد البشرية والعديد من الجهات ذات العلاقة من حراك حول هذه المواضيع ووضعتها ضمن مستهدفاتها وبادرت برفع مستوى الوعي بالبيئة والصحة، حيث التزمت هذه الجهات بتوعية وتثقيف أفراد المجتمع والقطاع الخاص مثل المصانع وغيرها، انطلاقاً من تصحيح المفاهيم وتنمية المعارف المتعلقة بالحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئية، واعتبرتها أحد ركائزها الأساسية التي تسعى إلى معالجتها مع شركائها، حرصاً منها واهتماماً بالقضايا البيئية والصحية المحورية التي تهم المجتمع.

ومن مكتسبات الاستثمار الاجتماعي اقتصادياً، تنظيم ريادة الأعمال وتمكين البيئة الاقتصادية، حيث تساهم الشركات بدعم المشاريع التنموية بشكل كبير وتقوم بخلق فرص عمل مستدامة، وتحسن القدرات الإنتاجية والنوعية للمنتجين والموردين ضمن منظومة الاقتصاد المحلي على نحو شامل يحقق الابتكار ويسهم في تطوير الممارسات الإدارية ويرفع مستوى مهارات القوى العاملة ويدعم القطاع غير الربحي، حيث تقوم بعض المنشآت من الشركات بتكليف بعض عامليها المواطنين للعمل في القطاع غير الربحي (الجمعيات الأهلية) تفعيلاً لمسؤوليتها المجتمعية وواجبها الوطني، وذلك تحت برنامج التوطين بالاستثمار الاجتماعي، الذي يسمح ‏للشركات بتكليف بعض عامليها السعوديين بالعمل لدى هذا القطاع المهم وفق اشتراطات ومعايير منظمة، للسعي لتحقيق الاستقرار الوظيفي في القطاع غير الربحي ودعم عجلة التنمية ورفع نسبة الناتج المحلي، الذي يعتبر من أهداف برنامج التحول الوطني من الرعوية إلى التمكين، ومن ثم إلى التنموية.

@khalid_ahmed_o