د. عبدالوهاب القحطاني

الشائعات في مجملها غير صحيحة في سوق الأسهم، حيث يهدف المروجون لها إلى الكسب المالي من نشرها بين المتداولين عند غياب المعلومات الصحية والدقيقة التي يستفيد منها المستثمر الإستراتيجي الطويل المدى وذلك في صنع وتنفيذ قراراته الاستثمارية في سوق الأسهم، لكن قد يكون بعضها صحيحا والبعض الآخر شائعة غير صحيحة. الشائعات التي أتحدث عنها هي تلك التي لا تكون صحيحة وتهدف إلى تضليل الأشخاص المستهدفين من قبل الذين يروجون لها. الواضح في سوق الأسهم أن بعض المتداولين، خاصة المضاربين منهم، يسعون إلى نشر الشائعات عبر قنوات وأشخاص من صغار المتداولين لخدمة مصالحهم ما يخفض أو يرفع قيمة الأسهم التي يضاربون فيها.

قد تكون المنتديات وساحات النقاش والحوار حول سوق الأسهم إحدى هذه القنوات، لذلك يجب أن يكون المستثمر على وعي بما يدور فيها من شائعات غير صحيحة تضر به وبالاقتصاد الوطني. انتشرت شائعات عديدة حول الأسباب التي أدت إلى انتكاسة سوق الأسهم السعودية بشكل مخيف في 2006م وما بعده، حيث خالفت ما نعرفه عن قوة اقتصادنا الوطني. ساعدت الآذان الصاغية على تزايد هذه الشائعات من قبل صغار المتداولين بشكل يومي وكذلك المستثمرين الذين لا يملكون معلومات صحيحة تغنيهم عن متابعة الشائعات المضللة. الحقيقة أن قلة وجودة المعلومات لدى المتداول اليومي والمستثمر في سوق الأسهم تجعله يصدق الشائعات ويزيد من تدويرها بين من يعرفهم ومن لا يعرفهم في سوق الأسهم. جودة ووفرة المعلومات الصحيحة في سوق الأسهم تساعد المستثمر على صنع قراره حول الاستثمار في الأسهم أو عدمه، ناهيك عن خفض نسبة المخاطر، لكننا نشهد شحا واضحا في كميتها وحداثتها ونوعها وجودتها ما يزيد من انتشار الشائعات بين المتداولين في المدى القصير والمستثمرين في المدى البعيد، وهذا ما لمسناه من خلال تراجع تعاملات المستثمرين الذين قاموا بضخ عدد كبير من الأسهم خوفا من تدهور المؤشر بدرجة لا يعود فيها إلى مستويات مشجعة.

تتوالى تراجعات المؤشر بتتابع الشائعات التي تفقد المستثمرين الثقة في سوق الأسهم متجاهلين حقيقة قوة الاقتصاد الوطني الذي يمر بمرحلة اقتصادية من أقوى مراحله منذ فترة الطفرة في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي. تنمو الشائعات بين الناس في الثقافات والدول التي تفتقر للمعلومات الصحيحة، وهي أكثر شيوعا في الدول النامية والفقيرة لأنها تفتقر للمعلومات الكافية والدقيقة. ويحاول الذين يسوقون الشائعات ربطها ببعض ما يدور في المجتمع من أخبار صحيحة ليصدقها الأشخاص الذين توجه نحوهم لكي يصدقوها وينشروها بين الآخرين، ومن هنا تتكاثر جرثومة الشائعة بسرعة.

ما أؤكد عليه هو أن تقوم هيئة السوق المالية بدراسة التأثيرات السلبية الكبيرة لأي قرار حساس تهدف منه إلى تنظيم السوق، وذلك قبل تنفيذ القرار لأن الهدف منه حماية استثمارات المواطنين والمقيمين على حد سواء، لذلك نرى أهمية كبيرة لتوافر المعلومات للتقليل من مخاطر الشائعات. إذا لم تتضح الأهداف من ذلك القرار فإنها ستؤدي إلى تبعات عكسية سلبية لا تسهم في حماية المستثمرين. وهناك جملة من الإصلاحات التي أرى ضرورة القيام بها في مؤسسة النقد وهيئة سوق المال ووزارة المالية لتعود الثقة في سوق الأسهم السعودية. وهذه الإصلاحات في قمة الهرم التنظيمي في هذه الجهات التي ساهمت إلى حد كبير في زعزعة الثقة في سوق الأسهم. المراكز القيادية العليا في الشركات ذات العلاقة الكبيرة والوطيدة بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بشكل لا يتوازى مع المصالح العليا للمملكة، وذلك لأن القياديين في هذه المؤسسات الدولية يتبعون نصائح هذه الهيئات من غير تردد.

كلية الأعمال KFUPM

@dr_abdulwahhab