نُخب خليجية تتطلع إلى قرارات وتوصيات تعزّز طموحات المواطنين إلى الاتحاد
تستضيف العاصمة العمانية مسقط نهاية الشهر الجاري القمة الخليجية التاسعة والعشرين ، والتي تأتي في ظروف إقليمية ودولية بالغة الحساسية مما يكسبها أهمية مضاعفة ، ويجعلها بحسب بعض المراقبين من القمم التاريخية التي تترتب عليها كثير من المخرجات والتوصيات المهمة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ويراقب العالم هذه القمة وينتظر بيانها الختامي باهتمام كبير نظرا للدور المتوقع لدول الخليج في تسوية الأزمة الاقتصادية العالمية والمساهمة في إيجاد حلول لها خاصة بعد زيارات عدد من قادة الدول الكبرى لهذه الدول من أجل التشاور مع قادتها في كيفية تجاوز الأزمة . ولاشك في أن هناك كثيرا من الأجندة الداخلية الداعمة لأفكار الاتحاد الخليجي التي يترقبها مواطنو دول المجلس الذين طال انتظارهم للقيام بخطوات أكثر فاعلية من أجل تحقيق طموحاتهم وأحلامهم في الاتحاد والوحدة الخليجية ، وهم أيضا يتوقعون اتخاذ قرارات مهمة في هذا الشأن ، (اليوم ) استطلعت آراء عدد من الكتّاب والإعلاميين من أصحاب الرأي في دول مجلس التعاون الخليجي حول توقعاتهم لمخرجات القمة وإمكانية تغير سياسات دول الخليج الخاصة بتعاملها مع الملفات الإقليمية والدولية :توحيد المصالح الكاتبة القطرية بصحيفة الراية نورة المسيفري تحدثت عن أهمية القمة الخليجية التاسعة عشرة قائلة : القمة الخليجية القادمة هي حلقة ضمن سلسلة قمم مجلس التعاون الخليجي التي تنظر فيما مضى وتخطط لما هو آت وتأتي أهميتها من منطلق انعقادها في خضم الأزمة الاقتصادية العالمية بتداعياتها التي أثرت ولاشك في الشعوب الخليجية ..كما انها تتواكب مع تنصيب رئيس أمريكي جديد تتطلع له الشعوب الخليجية بأمل ليحقق العدالة التي ضاعت في عهد الرئيس الأمريكي الفائت .. خاصة أولئك الذين يقبع أبناؤهم في السجون الأمريكية دون محاكمة !!!وعن دور دول مجلس التعاون في معالجة قضايا المرأة في المنطقة ، تقول : تتفاوت الجهود في ذلك ما بين دولة وأخرى وحتى أكثر الجهود تقدما لم تتطرق إلى قضايا مصيرية تنصف أبناء المرأة الخليجية وتحقق لها الاستقرار الأسري .. سواء كان اباؤهم خليجيين أو غير ذلك !!! كما ان المرأة الخليجية كامرأة عاملة لم تنل حقوقها كاملة ومازال هناك تمييز لصالح شقيقها الرجل باعتباره منفقا كالسكن والعلاوة الاجتماعية وغيرها بينما نعيش زمن التساوي في الإنفاق وكثيرة هي البيوت التي تعولها امرأة !!!وتتابع المسيفري قولها: أفخر بالجهود الخليجية التي يقوم بها قادتنا لحل الأزمات الأقليمية والدولية والتي تسهم بلا أدنى شك في جعل العالم مكانا آمنا لأطفالنا وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إيمانهم العميق بديننا الإسلامي الذي جاء للناس كافة .. ودورهم الريادي كخير أمة أخرجت للناس فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. ومازلنا في قطر نعايش فرحة اللبنانيين التي صنعها سمو الأميرالمفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حينما حل أزمتهم بجمع الفرقاء على أرض قطر لتتوحد رؤاهم ويخرجون منها بحل يرضي جميع الأطراف.وبالنسبة الى المطلوب لتفعيل أفكار وخطط التعاون بين دول المجلس، تقول : توحيد المصالح والإيمان الحقيقي بوحدة المصير هو مايدفعنا لنقل الأفكار والخطط إلى أرض الواقع لتحقيق رفاهية الشعوب التي اجتمعت حول قادتها ووثقت بهم وتكاتفت معهم .. التصريحات لاتحقق المنجزات فلابد من العمل الصادق والدؤوب في سبيل بلورة تلك الأفكار إلى مشروعات تلبي الأحلام العريضة لتلك الشعوب. وتتمنى المسيفري أن يتفق قادتنا حول قضايا المرأة الخليجية ويولونها جل اهتمامهم ويعملون على استقرارها النفسي بتذليل كافة الصعوبات التي تحرمها من العيش مع أبنائها حياة كريمة .. كما تتمنى أن تسرع هذه القمة تحقيق الكيان الخليجي الواحد بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى فقد طال الانتظار .. وما تحقق خلال العشرين عاما في هذا المجال لايمثل عُشر طموحاتنا. دور إيجابي في المحيطين أما محمد بن سعيد الفطيسي الصحفي والباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية – سلطنة عمان والمشرف العام على الواحة السياسية والدراسات السياسية والجيواستراتيجية بالمعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية – الأردن فيتحدث عن الدور الذي يمكن أن تلعبه دول الخليج في حل الأزمات الإقليمية والدولية المختلفة ، بقوله : لو عدنا لاستقراء التاريخ ومجرياته وعبره ، لعلمنا يقينا أن كل دولة في العالم ، صغيرة كانت أو كبيرة قادرة على إيجاد مكان لها بين الكبار ، أو على أقل تقدير دور إيجابي على خارطة السياسة الدولية أو من خلال محيطها الإقليمي، ولكن ذلك بالطبع لا يمكن أن يتحقق مطلقا سوى في ظل التحلّي بالإرادة السياسية والإيمان بالقدرة على التغيير وصناعة المستقبل.ومن خلال ذلك فإننا نستطيع أن نؤكد أن دول الخليج العربي تستطيع أن تلعب ذلك الدور الإيجابي في محيطها الإقليمي أو حتى العالمي على خارطة السياسة الدولية في حال تحلّت فقط بتلك الإرادة السياسية وتحت مظلة الوحدة والمصير المشترك ، فوحدة التكاتف والتلاحم الخليجي والإرادة السياسية المشتركة قادرة على أن تضع دول الخليج العربي في دائرة التحالفات والتكتلات الدولية ذات المكانة العالمية والدور الايجابي ، خصوصا أن هذه الدول تملك من الطاقات والإمكانيات والثروات الكثير .ويواصل الفطيسي حديثه : لا يستطيع أحد أن ينكر أن دول مجلس التعاون استطاعت أن تبني بشكل أو بآخر صرح بناء وحدوي خليجي طال أمده أكثر بكثير مما توقع له البعض في حينه، وليس ذلك ممكنا بالطبع إلا إذا كان نتاج رغبة حقيقية وجادة للاستمرار بالرغم من الظروف والمصاعب واختلاف الرؤى والمصالح في كثير من الأحيان حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية ، ولكن – وهنا - نشير الى أنه بالرغم من ذلك ، فإن الخطاب السياسي الخليجي كان في أغلب الأحيان خطابا مشتركا حول بعض القضايا وخصوصا السياسي منها ، بالرغم مما سبق ذكره من تباعد المصالح واختلاف العلاقات مع الدول التي تربطها بها روابط أخوة أو صداقة أو مصالح مشتركة ، لذلك فإننا لا نستطيع أن نقول إن مواقف وسياسات دول الخليج قد تغيرت الى الأحسن أم الى الأسوأ تجاه بعض القضايا الدولية خلال الفترة الماضية، فذلك غير ممكن – من وجهة نظري الشخصية – حيث ان الظروف التاريخية المختلفة ، والعلاقات الدولية التي سبقت قيام الوحدة الخليجية، واختلاف وجهات النظر حول بعض القضايا ، وغيرها من الظروف السياسية والاقتصادية ، كانت جزءا من العقبات التي حالت في كثير من الأوقات دون توحد السياسات والأفكار والمواقف الخليجية ، لذا فإن مواقف دول الخليج العربي – وباختصار - كانت شبه متفقة في كثير من الأحيان.رقعة الشطرنج الشرق أوسطية وفيما يتعلق بالدور المحوري لدول المجلس على الصعيد العالمي ، يقول الفطيسي: تلعب الجغرافيا السياسية دورا كبيرا في بناء المكانة الإقليمية والدولية لبعض القوى أو التكتلات العالمية ، وكما هو معروف فإن دول الخليج العربي تقع في محيط جيواستراتيجي حساس للغاية، نستطيع أن نطلق عليه قلب الشرق الأوسط ، والذي تدرك جميع القوى والدول الكبرى في العالم أهميته الراهنة والمستقبلية ، خصوصا ذلك الدور الذي يشكله من خلال صناعة وتحريك القرار في الشرق الأوسط ككل. لذا فإن اهتمام وتعويل الدول الكبرى والعالم على دول مجلس التعاون على لعب دور أكبر في معالجة الأزمات نابع من تلك المكانة الجغرافية الحساسة، فإذا كانت أوراسيا كما قال ذلك بريجينيسكي هي رقعة الشطرنج التي يتواصل فوقها الصراع من أجل السيادة العالمية ، فان منطقة الخليج العربي ستكون باختصار شديد ، هي رقعة الشطرنج الشرق أوسطية ، والتي سيكون لزاما على أي قوى عالمية أن تتواصل من خلال قنواتها السياسية والاقتصادية المستقبلية بالقرن الحادي والعشرين. وهذا التحول العالمي المستقبلي بالطبع سيجعل من تلك الدول تضطر للعب أدوار قد لا ترغب فيها على مختلف الأصعدة السياسية منها والاقتصادية وحتى العسكرية ، وكما ان الجغرافيا السياسية ستصنع لدول الخليج العربي مكانة إقليمية ودولية غاية في الأهمية ، وستستفيد منها كثيرا مستقبلا على مختلف الأصعدة ، فكذلك ستحتم عليها أن تتقبل تبعات ذلك الدور الحتمي الجيوسياسي والجيواستراتيجي لتلك المكانة. وعن توقعاته لنتائج وتوصيات القمة القادمة ، يقول : قمة مسقط هي امتداد أيديولوجي لقمم مجلس التعاون السابقة ، والتي طالما تناولت في الأساس وبشكل خاص التطورات والمتغيرات والتحديات الإقليمية التي تمر بمنطقة الخليج بشكل خاص، ومنطقة الشرق الأوسط والعالم بوجه عام ، لذا فإن هذه القمة ستتناول جل القضايا السياسية والاقتصادية التي عانت منها منطقة الخليج العربي تحديدا خلال الفترة الماضية ، وعلى وجه الخصوص الأزمة الاقتصادية العالمية ، والتي نتوقع أن يكون ملفها هو الأبرز والأهم ، مع رؤية شخصية نتوقع من خلاها اقتراح تشكيل وبناء وحدة احتواء خليجية لمعالجة الأزمات الاقتصادية القادمة ، كما سيتم بكل تأكيد تداول الملفات السياسية الرئيسية شرق الأوسطية كالملف النووي الإيراني وملف الجزر الإماراتية لما لها من أهمية بالغة وحضور دائم ، هذا بخلاف مواضيع أخرى لا تقل أهمية وخطورة وتأثيرا على منطقة الشرق الأوسط خصوصا ، والعالم ككل ، كالملف العراقي والملف الفلسطيني ، كما أن مواضيع أخرى كموضوع الطاقة النووية وربما قضية المياه على سبيل المثال لا الحصر ستكون حاضرة كذلك ، ومن خلال محيط دائرة هذه القضايا الإقليمية تحديدا ستكون التوصيات والنتائج . لا تغيير في سياسة دول الخليج الأستاذ الدكتور صدقة بن يحيي فاضل أستاذ العلوم السياسية وعضو مجلس الشورى السعودي – رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس يؤكد على الدور الذي يمكن أن تلعبه دول مجلس التعاون في حل الأزمات الإقليمية والدولية بقوله: يمكن لهذه الدول، ان اتحدت وقوَت نفسها بكل وسائل القوة الممكنة ، أن تخدم مصالحها ، وتحافظ على حقوقها، بشكل ومضمون أفضل مما عليه الحال الآن ، فلا يزال ينقص هذه الدول تطوير حياتها بشكل سليم ، وتوثيق الروابط فيما بينها حكومات وشعوبا ، وفي اعتقادي أنه لم يتغير الكثير في سياسة دول الخليج ومواقفها تجاه القضايا المختلفة ، وموقف هذه الدول تجاه القضايا الإقليمية والعالمية ، ومازال كما هو (تقريبا) منذ أن قام مجلس التعاون الخليجي في العام 1981م.ويضيف: من المستحسن أن يتولى كل إقليم في هذا العالم حل مشاكله ، وبمنأى (قدر الإمكان) عن التدخلات الخارجية ، وسياسات القوى الكبرى المتنافسة ، وفيما يتعلق بمستقبل الدور الخليجي في تسوية الأزمات الاقتصادية والسياسية لإقليميا وعالميا فإنه لن يكون له شأن ما لم يتم تطويره نحو مزيد من التلاحم الفعلي بين شعوب هذه الدول ، وذلك عبر وسائل التلاحم و(التضامن الدولي) المعروفة ، والتي يطبقها الاتحاد الأوروبي ، مثلا ، وبأسلوب متدرج ، وصولا لوحدة هذه الدول ، أو على الأصح ، اتحادها ، غير أني اتوقع بيانا ختاميا يؤكد مواقف هذه الدول تجاه القضايا ، المحلية والإقليمية والدولية ، ويوضح الحد الأدنى من الموقف الخليجي المشترك تجاه هذه القضايا .تفاؤل بمخرجات القمة عبد الله خليفة عبد الله – كاتب إماراتي يقول: القمة الخليجية للدورة الحالية تأتي ولا شك في ظروف صعبة تتطلب مناقشات عميقة لجدول الأعمال الذي أتوقع ان يكون معنيا بوضع رؤى حاسمة تجاه كثير من القضايا الحيوية محليا وإقليميا ودوليا ، فالوضع الدولي الراهن يضع دول مجلس التعاون تحت المجهر للنظر في أي مبادرات أو قرارات تخرج بها ستؤثر بكل تأكيد في الشأن الدولي حتى ولو كانت تلك القرارات محلية.ويتابع قائلا : الأزمة الاقتصادية العالمية ستلقي بظلالها على جدول أعمال القمة خاصة أن دول المجلس حاضرة في قمة العشرين الأخيرة ممثلة في المملكة العربية السعودية ، فلهذه الدول حضورها المالي القوي في السوق العالمي وتملك التأثير الكبير في حركة الاقتصاد العالمي ولذلك أتوقع رؤية مهمة للقمة في معالجة الأزمة العالمية ، وذلك بخلاف القضايا الأخرى التي يتم ترحيلها مع كل قمة مثل قضايا الجزر الإماراتية والملف النووي الإيراني ، ولكني بشكل عام متفائل بمخرجات القمة وقدرتها على وضع خطط وتصورات تناسب المرحلة المحلية والعالمية الراهنة.دور محوري وإدارة أمريكية جديدة عضو مجلس الشورى السعودي صالح الدوسري يقول : تكتسب قمة دول مجلس التعاون الخليجية التاسعة عشرة أهميتها من عدة نقاط جوهرية في مقدمتها الأوضاع الدولية الراهنة وضرورة المشاركة في صياغة حلول لمعالجتها خاصة أن هذه الدول ككيان واحد تمثل كتلة مؤثرة في مجال معالجة الأزمة الاقتصادية العالمية لما لها من دور في تحديد مجريات الاقتصاد العالمي ، وإضافة الى ذلك فإن هذه الدول معنية بإدارة الملف النووي الإيراني ومعالجته برؤى دول المجلس من الأهمية بمكان بالنسبة للدول الكبرى التي تدير الملف ، إضافة لذلك أيضا فإن هذه الدول تلعب دورا محوريا في عملية السلام في الشرق الأوسط خاصة مع قدوم إدارة أمريكية جديدة وضعت السلام في سلم أولوياتها .أما فيما يتعلق بالشؤون الداخلية لدول المجلس وفرص الذهاب باتجاه وحدة عملية فاعلة فإنه وبالرغم من أن الظروف تتطلب المضي بهذه الخطوة الى الأمام إلا أنها في نفس الوقت من الصعب بمكان أن تجد حظها من النقاش طالما أن هناك ملفات تفرض نفسها بحكم الواقع الدولي أو الإقليمي ، وهي ملفات أكبر من تجاوزها لما هو بالإمكان وما يمكن أن ينتظر سواء لقمم استثنائية أو عادية قادمة ، ولذلك أتوقع أن تركز توصيات القمة على معالجات للأزمة الاقتصادية العالمية والملف النووي الإيراني وقضية السلام في الشرق الأوسط أكثر من الملفات الداخلية الخاصة بقضايا التنسيق المشترك. تجاوز النكسة الاقتصادية العالمية ويقول طلال بن حسن بكري عضو مجلس الشورى : تنعقد قمة مسقط في خضم تحديات داخلية وخارجية كبيرة وحساسة تتطلب دراسات ومناقشات مستفيضة خاصة أن العالم كله الآن ينظر الى هذه القمة بعين الأهمية لما لدول المجلس من تأثير مباشر وقوي على اقتصاد العالم ، وأي رؤى تخرج من صميم أعمال القمة ستكون محل تمحيص ودراسات للعالم والميديا العالمية ، فالمراقبون ينتظرون دورا فاعلا لدول المجلس في تجاوز النكسة الاقتصادية العالمية، ولذلك فمن المتوقع أن تسيطر على جدول الأعمال هذه الأزمة التي تلقي بظلالها على أي فعاليات وملتقيات للقادة في كل أقاليم العالم ، وليس من السهل تجاوز الأزمة وكأنها شيء لا يعنينا لأن الأمر أكبر من التعامل معه بدبلوماسية في معالجة الملفات الملتهبة ، فهذا أمر واقع ولابد من إبداء الرأي فيه بل ولعب دورا في معالجته .وبالنسبة للقضايا الداخلية فهي أيضا تحتل الصدارة بصرف النظر عن أهمية الملفات ذات الأبعاد الدولية أو الإقليمية ، فالوحدة النقدية مسألة ملحّة ، والعبور بالهوية أكثر إلحاحا لاستكمال إجراءاتها إضافة الى قضايا الجمارك والامتلاك العقاري وغيرها من الأمور التي تهم مواطني دول المجلس وتحررهم من السياقات القطرية للتحرك بمرونة وسهولة أكبر فيما بين دول المجلس ، وأتوقع أن تخرج القمة بقرارات إيجابية تناسب طموحات وتطلعات مواطني دول الخليج العربي.القضايا الداخلية دون السقف المطلوب أما الدكتورة مها المنيف فتقول : لا شك في أن هناك كثيرا من التحديات التي تواجه قمة مسقط الخليجية بالنظر للأدوار السياسية والاقتصادية الكبيرة التي أصبحت تضطلع بها دول المجلس جماعة أو فرادى في كثير من القضايا الدولية والإقليمية سواء من خلال مبادراتها أو بتكليف من المنظمات الإقليمية أو الدولية، ومن الملاحظ أن جميع دول المجلس أصبحت تقوم بهذه الأدوار بعيدا عن نمطها الدبلوماسي الكلاسيكي في معالجة القضايا المختلفة ، وهي في الواقع أصبحت معنية بما يجري حولها وتؤثر فيه سواء أرادت ذلك أم لم ترد ، فمثلا ، الأزمة المالية العالمية الحالية ، لم يكن بمقدور دول الخليج العربي أن تنعزل بنفسها عن القيام بدور في معالجتها خاصة مع زيارات متكررة لقادة الدول الكبرى لهذه الدول والطلب منها المساهمة في الحل والخروج من الركود العالمي.غير أن المنيف تميل الى إعطاء أولوية وأهمية للقضايا الخاصة بتفعيل التعاون بين دول المجلس من أجل تحقيق أهداف المواطنين في مزيد من التكامل والوحدة بقولها : هناك قضايا داخلية لاتزال دون السقف الحقيقي للطموحات التي تتحقق معها آمال المواطنين في حرية الحركة والتملك وغير ذلك من تفاصيل وحدوية أسوة بتجربة الاتحاد الأوروبي وهي تجربة واقعية يتطلب تحقيقها إرادة أقوى لقادة دول المجلس وقد تأكد من خلالها أن الوحدة أو الاتحاد ممكن وله كثير من المزايا التي تخدم المواطنين وتحقق رفاهيتهم وآمالهم. دعم الوحدة أولوية حاضرة وتقول الكاتبة الإماراتية هالة يعقوب العايسي: في اعتقادي أن المطلوب من القمة الخليجية التاسعة عشرة في مسقط أن ترتقي الى مستوى التطلعات في تحقيق كثير من معايير الاتحاد التي يطمح لها مواطنو دول المجلس ، صحيح أن هناك قضايا مهمة أوجدها الظرف العالمي الراهن إلا أن القضايا الداخلية التي لم تتحرك خطوات مهمة حتى الآن ينبغي تحت هذا الضغط العالمي أن تسير الى الأمام لما لها من فوائد عديدة في صالح المواطنين، وبدون القمة وقبلها تمت مناقشة كثير من القضايا العالمية والإقليمية وينبغي أن تركز هذه القمة على قضايانا والدفع بها الى الأمام، فالعالم بحاجة لدور أكبر من دورنا ولا يمكن أن نعطل برامجنا فيما الكبار يتسببون في اختناق العالم ويلجأون الينا لحل مشاكلهم ونهمل مشاكلنا.وتتابع العايسي قولها : لدينا قضايانا الكبيرة أيضا والتي لم يسهم العالم حتى الآن في معالجتها بما فيه الكفاية وفي مقدمتها قضية الجزر الإماراتية الثلاث والملف النووي الإيراني ، وفي ذلك من الضروري احتواء إيران والضغط عليها لمعالجة مشاكلها التي تهدد دول المجلس جميعا وليس دولة واحدة أو دولتين عن طريق الحوار ومواصلته من أجل وجود صيغة مناسبة للاستقرار والتعايش بدون مهددات أو منغصات لجميع الأطراف .توازن البيان الختامي ومن جانبه يقول الكاتب وأستاذ الاجتماعيات العماني يوسف خالد الرحبي: تتوافر لدول مجلس التعاون الخليجي كثير من العناصر والمقومات التي تجعلها كتلة اجتماعية وسياسية واقتصادية واحدة تحت أي صيغة من صيغ الاتحاد أو الوحدة والتكامل، ولا تنقص القادة الإرادة اللازمة لتحقيق ذلك ولكن لابد في الوقت نفسه من مراعاة عدة اعتبارات تتعلق بالظروف الخاصة بسياسات كل دولة والظروف الإقليمية والدولية التي تتحقق معها الوحدة أو الاتحاد، فالمجلس الحالي صورة لشكل الاتحاد تنسجم مع رغبات وتطلعات المجتمعات الخليجية، ويعمل القادة في قممهم ولقاءاتهم على ترجمة تلك التطلعات الى واقع وبالوقت يمكن إنجاز الكثير ، وفي رأيي أن القمة القادمة معنية بإنجاز خطوات فاعلة باتجاه الاتحاد رغم أن هناك قضايا وملفات حاضرة بقوة في جدول الأعمال.ويؤكد الرحبي أن توصيات القمة القادمة سيكون لها تأثيرها الداخلي والخارجي لانعقادها في ظروف حساسة وغاية في الصعوبة، فالخروج برؤية متوازنة بين مصالح دول المجلس وما ينتظره العالم من هذه الدول في معالجة الأزمة المالية العالمية ليس سهلا، لأن لدول الخليج حضورها الاقتصادي القوي في الاقتصاد العالمي ، ولكني أتوقع أن يسود التوازن مقررات البيان الختامي بين ما هو داخلي يرضي تطلعات المواطنين ، وخارجي يساعد ويسهم في تسوية الركود الاقتصادي العالمي.قمة التحديات الصعبةعبد الله علي العمودي – كاتب وصحفي إماراتي يرى أن القمة القادمة من أصعب القمم الخليجية نظرا لحجم القضايا التي تفرض نفسها على أجندة القمة وضرورة أن يبدي القادة رأيا موحدا بشأنها ، فالأزمة المالية العالمية من أولى القضايا التي يجب أن يكون لهم رأي مفصلي وتاريخي فيها بحيث تبادر المنظومة الخليجية الى القيام بمعالجات متوازنة لها من واقع قوتها المالية وموقعها في الاقتصاديات العالمية.ويقول العمودي: هناك في الواقع كثير من التحديات العميقة أمام القمة للخروج بتوصيات مناسبة بشأنها ، وفي تقديري ، أن القضايا الداخلية ينبغي أن يكون لها الأولوية رغم أهمية القضايا الإقليمية والدولية، فمواطنو دول المجلس لا يزالون يمنون أنفسهم بالوحدة والاتحاد على نسق الاتحاد الأوروبي رفم توافر شروط أكثر عمقا لدينا من دول الاتحاد الأوروبي للقيام بهذا الاتحاد الذي يثمر كثيرا من الثمرات والفوائد للمواطنين ، ولكن تظل المخرجات أقل من الطموح وآمل أن يكون في هذه القمة ما يعزز فرص الاتحاد ويتقدم به خطوة حقيقية وكبيرة الى الأمام ، فمشاكل العالم من حولنا لن تنتهي ، ولا يمكن أن نرهق أنفسنا بهذه المشاكل فيما أصحابها الحقيقيون يزيدون من صعوبة حلها ويجعلونها بعيدة عن الحل.تطوير آليات الوحدةويقول الكاتب الكويتي خالد العتيبي: قمة مسقط من أهم القمم الخليجية في السنوات الأخيرة لما تواجهه من تحديات وملفات وأزمات كبيرة تحيط بدول المجلس وتتطلب الوصول الى معالجات وتصورات مناسبة بحجم قيمة ووزن هذه الدول في المنطقة والعالم ، والملاحظ أنه في الفترة الماضية اصبح هناك دور حقيقي لدول المجلس في معالجة كثير من القضايا في مقدمتها مشكلة العراق وقضية السلام في الشرق الأوسط وأخيرا الأزمة الاقتصادية الدولية وقضية دارفور التي تستضيف قطر مؤتمرا دوليا لمعالجتها، وذلك بخلاف الأزمات القائمة الباقية كجزر الإمارات والملف النووي الإيراني. ويؤكد العتيبي على أهمية بحث الملفات الداخلية بحيث لا تصرف الأزمات الدولية القادة عنها في تطوير آليات المضي بالوحدة الى غاياتها التي يتطلع إليها مواطنو دول المجلس الذين لاتزال أحلامهم مؤجلة في اتحاد أكثر فعالية في ربطهم وتحقيق تطلعاتهم مع توافر المقومات الضرورية لتلك الوحدة فيما بينهم، ويأمل أن تتخذ القمة توصيات حاسمة تسهم في تحقيق أهداف مواطني دول المجلس في الاتحاد وإلغاء القيود التي تمنعهم من ممارسة المواطنة في كافة الدول بدون حدود فاصلة.على حساب مصالح دول المجلس أما الإعلامي العماني خالد الزدجالي ، فيرى أن قمة مسقط ستكون تاريخية قياسا بالظرف الذي تنعقد فيه وتنعقد فيه كثير من الآمال لدى مواطني دول المجلس في الذهاب بعيدا بطموحاتهم باتجاه اتحاد فعلي واتخاذ خطوات أكثر جدية لربط المواطنين ببعضهم ، ولعل الظرف العالمي الراهن يكون له دوره في تحقيق ذلك لأن الشعوب التي تملك الإرادة الحقيقية للتعايش تحت نظام موحد تلتقي وتلتف حول نفسها أكثر في الظروف الصعبة ، والظرف الدولي والإقليمي الراهن مناسب لانتاج اتحاد تاريخي بين دول المجلس.أما بالنسبة للقضايا العالمية التي تفرض نفسها على جدول أعمال القمة فهي ولا شك من الأهمية بمكان ولكن ليس على حساب مصالح دول المجلس ، فالقادة يمتلكون من الحكمة والرشد السياسي ما يجعلهم يخرجون برؤى أكثر توازنا بحيث تسهم في القيام بدورها في معالجة الأزمة العالمية بلا ضرر أو ضرار لأن دولنا لم تسهم في هذه الأزمة وبعيدة نسبيا عن التأثر بها ولذلك لا أتوقع أن تكون كريمة للتعويض عن خسائر الآخرين بدون أن تتحقق لها فوائد وفقا للقواعد والأسس الاقتصادية الرأسمالية العالمية ، وبشكل عام فأنا متفائل بتوصيات القمة القادمة بما يحقق مصالحنا المشتركة. قمة الأوضاع الحذرة ويقول الكاتب والإعلامي الكويتي تركي هادي العازمي: لقمة مسقط أهميتها التاريخية من عدة نواح ، فهي تنعقد في ظروف بالغة الحساسية داخليا وعالميا ، ولا يمكن أن تتجاوز القمة هذه القضية بدون أن يكون لها رأي فيصل في ذلك بالنظر لقوتها المالية والاقتصادية على الصعيد الدولي خاصة بعد امتلاكها سيولة نقدية كبيرة بعد ارتفاع أسعار النفط وهو عصب اقتصادياتها، ولكن في الوقت ذاته نلاحظ أن هذه الأسعار تراجعت أو تهاوت بصورة حادة مؤخرا حتى أن الأسعار أصبحت دون القيم الحقيقية لتكاليف الانتاج ، وبالتالي فالوضع حذر للغاية حيال التفكير في وضع رؤى متوازنة تسهم في معالجة الأزمة بالنسبة لدول الخليج والتطلع العالمي نحوها لإيجاد مخرج مناسب من حالة الركود التي بدأت تعصف بالاقتصاد العالمي.ويؤكد العازمي أن الملفات الداخلية لدول المجلس تتطلب نقاشا مستفيضا من القادة لتطوير برامج التعاون وتحقيق تطلعات المواطنين الى الاتحاد والوحدة التي لاتزال حلما بعيد المنال ويأملون ونأمل تحقيقه عقب أي قمة للقادة باتخاذ خطوات أكبر باتجاهها تسمح بالتنقل بمرونة ودون قيود والتملك والاستثمار وغير ذلك من مظاهر وعلامات العافية على حلم الاتحاد الخليجي قياسا على الاتحاد الأوروبي الذي أصبح حقيقة ماثلة وتجربة ناجحة بكل المقاييس رغم أننا الأقرب لذلك من الأوروبيين الذين يستمتعون الآن بنتائج ذلك الاتحاد ، ولكني في النهاية متفائل بتوصيات البيان الختامي لقمة مسقط القادمة واعتقد أنه سيكون لها ما بعدها في كثير من مسائل الاتحاد أو القيام بدور مؤثر في معالجة القضايا الإقليمية والدولية الملتهبة.
قادة مجلس التعاون الخليجي في لقطة تذكارية في آخر قمة جمعتهم بقطر
قادة مجلس التعاون الخليجي في لقطة تذكارية في آخر قمة جمعتهم بقطر