محمد حمد الصويغ

أفكار وخواطر

أظن ظنا لا يساوره الشك بأن ثقافتنا الوطنية الضاربة جذورها في عمق مبادئ وتشريعات عقيدتنا الإسلامية السمحة تتمتع بمرونة التعامل مع ثقافات «الغير» وما يطرأ عليها من تحولات ومتغيرات كما أنها قادرة في ذات الوقت على إضافة ما لدى ثقافات الأمم والشعوب بما يؤهلها للتجدد والاستمرارية والتفاعل دون أن تفقد أصالتها الحضارية المعروفة، بمعنى أنها قابلة للاتساع والتمدد في حدود تلك الأصالة والتأثير على تلك الثقافات بمختلف مرجعياتها المعرفية، التي تنتمي إليها، كما أنها تملك أدوات التحصين كما تملك أدوات التطور وإمكانية الإضافة مع الاحتفاظ بخصوصيتها، فهي تحمل من الرؤى المتعددة ما يؤهلها للصمود أمام مختلف التيارات الثقافية أيا كان مصدرها.

إن الملكات البلاغية، التي تمتع بها المفكرون العرب قديما، ومَن جاء بعدهم إلى هذا العصر ترسم أوضح الخطوط للتعامل مع الواقع بعقلانية مطلقة تمكنت معها من التخاطب مع العقل والحس أو مع المسارين المادي والروحي إن جاز التعبير بوتيرة متزنة كانت ولا تزال منسجمة مع الحقائق الكونية والمعطيات المعرفية، التي أفرزتها المرجعيات البشرية في كل مكان وزمان دون شعور أصحابها بالقصور أو النقص، فالمعرفة الشرعية التي اتكأت عليها تلك الملكات لا تزال تتمتع بتصورات شمولية لكل المناشط الذهنية والوجدانية، التي أخذت مكانها الطبيعي في بلورة تجاربها الإنسانية الخلاقة ضمن تلك التصورات، التي تحركت في دائرتها الثقافة العربية لتغدو أكثر قوة وصلابة واستشرافا للمستقبل.

mhsuwaigh98@hotmail.com