عبدالله الغنام

صدر مؤخرا (11 يناير) التقرير السنوي للمخاطر لعام (2022م) عن (World Economic Forum) المنتدى الاقتصادي العالمي. وهذا التقرير يتحدث عن (Risks) المخاطر التي سوف تواجهها البشرية خلال العشر السنوات القادمة. ويُذكر أن أكثر من (80 %) من الناس قلقون تجاه المستقبل. وبمناسبة الحديث عن المستقبل، فإن الإنسان إذا كان يتحسر على الماضي، ويقلق من المستقبل، فلن يستطيع أبدا أن يستمتع بالحاضر!

وسوف نتحدث عن أكبر خمس (5) مخاطر ذكرها التقرير. أولها: فشل الاستجابة للتغيير المناخي. وهذه حقيقة مؤسفة حيث إن الكثير من الدول (منذ تسعينيات القرن الماضي) كانت استجابتها ضعيفة ومخيبة للآمال مع أنهم قد حضروا العديد من المؤتمرات، ووقعوا البروتوكولات لحماية الأرض من هذا التغيير المناخي المؤلم. والأرقام تقول: إن درجة حرارة الأرض قد زادت بنحو (1.5) درجة مئوية، وهذا ينذر بذوبان الجليد وتغيير في الغطاء النباتي والذي يؤدي بدوره لتأثيرات جغرافية وبيئية جسيمة.

وثاني الأخطار: هو حوادث الطقس القاسية مثل: كثرة الفيضانات العنيفة، والجفاف الشديد في مناطق أخرى، وانتشار العواصف القوية والمدمرة. وهذه الحوادث أصبحت خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل خمسين (50) سنة مضت. وخلال العقد الماضي خلفت أضرارا بما يقارب (383) مليون دولار يوميا!

وأما ثالث المخاطر المتوقعة، فهو فقدان في التنوع الأحيائي (البيولوجي). وهو أمر حيوي لصحة الناس، وسبل عيشهم في جميع أنحاء العالم. وهو الآن يتقلص بمعدلات مقلقة، وفيه إنذار للجميع. واليوم هناك ما يصل إلى مليون نوع من الأحياء (الحيوانات، النباتات وغيرها) معرضة لخطر الانقراض. ومن البديهي أن الإنسان كان ولا يزال من الأسباب الرئيسية في انقراض بعضها بسبب الصيد الجائر أو من أجل الثروة والتجارة أو التسلية والمتعة أو التباهي ببعض المنتجات الحيوانية والنباتية. إن عدم الاهتمام بالتوازن البيئي والأحيائي يجعلنا نلوم أنفسنا، فنقول لها: هذا ما جنيته على نفسي، وما جناه علي أحد!

وأما الخطر الرابع فهو الاختلال في التوازن الاجتماعي، صحيح أن جائحة كورونا المستجد كان لها بالغ الأثر على العالم والبشرية، ولكن أصبحت مستويات الدخل أسوأ ومتفاوتة بشكل كبير بين طبقات المجتمع والدول. والتقرير يقول عنه: يُنظر إليه كتهديد خطير في جميع أنحاء العالم، وفي جميع الفترات الزمنية القادمة.

وأما خامس المخاطر فهو تدهور المعيشة بسبب الفقر والبطالة والغلاء. وبحسب بالتقرير يوجد عالميا أكثر من (200) مليون سيواجهون البطالة لهذا العام. وقد زاد عدد الفقراء (108) ملايين عما كان عليه منذ عام (2019 م). ويضاف إلى ذلك أن (85) مليون وظيفة ستقضي عليها الأتمتة (Automation) بحلول عام (2025م).

وتماشيا مع الأرقام والمخاطر التي ذكرناها لا بد لنا من الوقوف على عدة نقاط. منها أن المحافظة على ما في أيدينا من (النعم) يكون بالحمد والشكر بالإضافة إلى الأخذ بالأسباب. وأن مظاهر الهياط والإسراف في المطعم والمشرب والملبس لم تعد مقبولة لا ذوقا، ولا عقلا، ولا أخلاقا حيث إن العالم يشاهد بعضه البعض لحظيا ومباشرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن المهم كذلك أن نشير إلى أن المحافظة على الطبيعة، والتوازن البيئي، وكفاءة الطاقة للأجهزة والمركبات والآلات، والترشيد في استخدام الكهرباء والمياه، كلها قضايا لم تعد أمورا ثانوية، بل هي مسائل مهمة وأساسية من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة. وفي هذا الإطار ليس مستساغا أن يقول الواحد منا: (هذا ليس من شأني!) ويعد أيضا تهربا من المسؤولية المجتمعية. فحتى حين نرمي كيسا واحدا من البلاستيك أو نقطع شجرة واحدة (استهتارا أو عبثا أو جهلا) فإنه سيؤثر على البيئة لا محالة!

abdullaghannam@