محمد حمد الصويغ

يقول الروائي العربي حنا مينا في حوار أدبي معه: «إن الرواية العربية هي ديوان العرب، والرواية العربية تتقدم كل الأجناس الأدبية».. ويضيف معللا: «هذا يرجع إلى أن الرواية تقدم عالما كاملا يرى الإنسان فيه حياته وصورته بعكس القصيدة، التي تقدم نوعا من الطرح فيه الإيماء والإيحاء والمعالجة الشفافة للقضية، والرواية ستستمر في هذا التقدم».. وأجد نفسي مدفوعا لطرح هذا السؤال: هل هذه مقولة صحيحة؟.. أنا لا أراها كذلك، فالمطولات العربية، التي قد تكون المعلقات واللامية وغيرها مثالا عليها لم تكن مجرد إيماءات لنوع واحد من الطرح، كما أن الملاحم العربية، التي بدأت تظهر منذ مطلع القرن العشرين، والمسرحيات الشعرية لم تكن مجرد إيحاءات خاطفة لنوع واحد من الطرح، فكما كانت القصيدة الجاهلية تعالج أدق الشؤون العربية لحياة القبائل وتفاصيلها، فسميت بأنها «ديوان العرب» لأنها كانت تشرح بإسهاب وإطناب لا بإيماءات وإيحاءات أيام العرب وأخبارهم، وسيرة أبطالهم وفق الأغراض الشعرية المتعارف عليها وقتذاك.

أقول كما كانت القصيدة الجاهلية تفعل ذلك، فإن المطولات الشعرية في الشعر الحديث عالجت كثيرا من الشؤون العربية سياسية أو اجتماعية، ولم تقتصر على مجرد وقفات عابرة أمام هذه المسألة أو تلك، ومن جانب آخر فإن الرواية ما زالت تتعثر، ولم تعثر بعد على هويتها في كثير من الأقطار العربية، بل ربما خلت معظم الديار العربية من الرواية تماما، فكيف يمكن القول إذن إن الرواية أضحت هي «ديوان العرب»، وأنها تتقدم على كل الأجناس الأدبية؟ فهو قول لا يعدو عن كونه مجرد «تخمين» لا يمكن الارتكاز عليه باطمئنان، فالقول إن الرواية وهي فن وافد إلينا من الغرب رغم محاولاتنا الناجحة لهضم أبعادها الفنية وتطويعها لبيئاتنا الثقافية استطاعت أن تتفوق على القصيدة في مناحٍ متعددة، وأن نعمد إلى زحزحتها من قلوبنا لتتربع هي في مكانها، هذا القول مشكوك فيه رغم أننا قطعنا في ميدان الرواية شوطا بعيدا.

mhsuwaigh98@hotmail.com