د. عبدالوهاب القحطاني

لا تزال غالبية الشركات السعودية تمارس الإدارة المركزية التي لا تفوض السلطة ولا تمكن الموظفين وهذا لا ينسجم مع المنافسة العالمية. لقد أصبحت المركزية في صنع القرار والتركيز على العملية الإدارية من الأساليب الإدارية القديمة التي لا تتفق مع فلسفة الإدارة بالمشاركة. تنخر البيروقراطية عظام الإدارات في الشركات التي تمارسها بالرغم من الأصوات التي تنادي بمنهج الإدارة الحديثة الذي يعتبر الإنسان موردا بشريا هاما لنجاحها.

مهما صغر منصب الموظف في الشركة فإنه مهم في صياغة وتنفيذ سياساتها بالإضافة إلى قيامه بالعملية الإنتاجية وتبنيه للثقافة المؤسسية، لكنه لا يزال مجهولا من قبل الإدارة فلا تلبى رغباته ولا تراعى ظروفه وتتعامل معه وكأنه آلة من ضمن الآلات في الشركة. ولا تزال معظم الشركات ممثلة بالمدراء لا تطبق الكثير من مفاهيم الإدارة الحديثة التي تقيم للموظف وزنا كبيرا في نجاحها. الثورة في العلاقات العمالية وتنمية الموارد البشرية وتطوير علم النفس الصناعي الوظيفي لا نجد لها أهمية في الشركات السعودية. شغف السلطة والاستحواذ على القرار من الصفات السائدة بين المدراء في الشركات السعودية، حيث يعتقدون أن السلطة مطلقة ولا يمكن تفويضها للموظفين، وذلك حبا في العصى السحرية التي يوجهونها نحو الموظفين للترهيب والعقاب.

التوجه الإداري الحديث يحاول فهم الموظف والتعاون معه وجعله جزءا من نجاح القيادة من خلال المشورة التي يقدمها الموظف للإدارة فيما يخص قسمه أو وظيفته. الإدارة بالأهداف والإدارة بالمشاركة تبنتها معظم الشركات الغربية بشكل طوعي بينما البعض الآخر منها تبناها تحت ضغوط كبيرة لتغيير النمط القيادي التعسفي إلى النمط الإنساني. المدير العالمي يواجه مقاومة التغيير من الموظفين، خصوصا عندما يكون متعسفا لا يهمه الموظف، لذلك لا بد له من تغيير نمطه القيادي لكسب ثقة واحترام موظفيه ما يقلل من مقاومتهم للتغيير. التغيير في النمط القيادي دليل على وعي المدير العالمي وانفتاحه نحو التنوع، لكن هذا لا يكفي إلا إذا توافرت المعرفة والمهارات الضرورية لتطوير الشركة عالميا.

يواجه المدير العالمي عدة تحديات تحكم نجاحه مثل اللغة والثقافة والسياسة والمجتمع والمنافسة والحكومة والموظفين المتعددين الثقافات والجنسيات بالإضافة إلى خبرته ومعرفته الإدارية المحلية تحت الظروف العالمية الجديدة حيث لا يمكن تعميم النظرية الإدارية في جميع أنحاء العالم وفي جميع الحالات. فالإدارة في اليابان قد تكتسب طابعا يابانيا يعتمد على ما يسمى بالإدارة اليابانية التي يحكمها أسلوب فريق العمل بينما تعتمد الإدارة الغربية وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية على المجهود الفردي. الثقافة لكل بلد تضيف إلى الإدارة العالمية مذاقا محليا متميزا، لكنه لا يؤثر بشكل سلبي في النتائج في معظم الحالات، بل قد يكون ضروريا للحفاظ على القيم الإدارية المحلية. فالتدريب اللغوي والثقافي بشكل عام يتطلب استعداد الموظف وتقبله للمجتمع الجديد، فكم من مدير لم يكمل مهمته بسبب عدم التكيف مع الثقافة الجديدة.

وفي الختام يجب إعداد المدير العالمي السعودي للقيام بمهامه الوظيفية بدرجة كافية لنجاح مهمته في الدول التي يوفد إليها للعمل. فالتعرف على ثقافة الدولة يسهل على المدير العالمي عمليات الاتصال المتعلقة بنشاطات الشركة. ولنتذكر دائما أن الشركة لا تعمل بمعزل عن البيئة التي تزاول فيها نشاطاتها المختلفة. مرونة وانفتاح المدير العالمي يساعدانه على التكيف مع البيئة الجديدة ويقللان من تكاليف تدريبه وإعداده لمهمته الجديدة. لا بد أن يفهم المدير العالمي أهمية تفويض السلطة وتمكين الموظفين بعيدا عن الممارسة القديمة في الشركات السعودية.

@dr_abdulwahhab