غنية الغافري

الفضول الذي كان ينتابنا لمعرفة بعض الشخوص المتخفية بأصواتها أو إنتاجها خفت الآن وقد كنا نخمن ملامحها أو مستوى فكرها، فأراحونا ولله الحمد من همِّ التخمين سواء كان الظهور الصادم بالشكل أو المنطق ! وليتهم حاولوا إقناعنا وإعادة برمجة تصورنا عنهم كما كنا قبل ظهورهم، كما استطاع «المعيدي» إقناع النعمان بن المنذر عندما صدم برؤيته وقد كان يسمع عن شجاعته وفتكه فلما رآه ازدراه ولم يكن يتوقعه بهذه الهيئة فقال «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه». وتقول قصة المثل أن أحد شجعان العرب وكان اسمه ضمرة بن ضمرة وهو من قبيلة معد فاتكا شجاعا، وكان يغير على حدود النعمان بن المنذر ويأخذ جماله وإبله ومواشيه وطلبه النعمان بكل وجه ولم يقدر عليه، فأمنه وجعل له ألف ناقة إذا دخل في طاعته فأتاه فلما رآه قال له «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه»، فأنف ضمرة بن ضمرة وقال أبيت اللعن إن الرجال لا تكال بالقفزان ولا توزن بالميزان، وليست بمسوك يستقى بها وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إذا قال قال بلسان وإذا صال صال بجنان، قال له النعمان: صدقت وبحق سودك قومك، ثم بدأ في معرفة مستوى تفكيره حتى أبهره فقال له أنت أنت واصطفاه وقربه وأدناه مجلسا.

كثير من الأحيان نرى في محيطنا أشخاصا من أشباه المعيدي، لكن الصورة لا تطابق الواقع فنقول بصيغة التعجب: هذا هو مع مطة «غير يسيرة للمد؟؟»، وقد لفتني لقاء مع إحدى الطقاقات والطق مهنة لطيفة تدر ذهبا تمتعنا في الأعراس وتحيي فينا كل طاقات الشباب التي يحاول الزمن محوها! المهم أننا كنا نسمع عن هذه الطقاقة المشهورة ولا نكاد نراها إلا في مسرح الأعراس الكبيرة، حتى تشرفنا بظهورها مؤخرا في أحد اللقاءات على الهواء مباشرة وهي ترتدي «الباروكة» الشقراء وتوثقها بربطة من وسط الرأس مع أكيال من المكياج التي أخفت بعض الحقائق، وتقول: أنا محجبة وسأظل محجبة! الحقيقة لم أعرف هل هي «تنكت» أم معلوماتي مضروبة عن الحجاب، وحتى لا أسيء الظن بما قصدت سمعت المقطع أكثر من مرة وطابقته مع الشكل! «فلم تزبط» وغالبا أحاول إحسان الظن بقدر ما أستطيع وإن كانت بعض المواقف لا تدع مجالا لذلك!

ولقاء آخر لفنان شهير مبدع في أغانيه لكنه في كل لقاء «يجيب العيد» ! ومن رأفتنا به نقول «ليته ساكت» وعودة على الطقاقة «أم حجاب»! أقصد الفنانة تحسبا لأن يظن البعض أنها «سبة» فلدى الكثير من النساء المسلمات مفهوم عجيب عن الحجاب، فمنهن من تضع غطاء الرأس بوضع «طيحني» وتنشغل طول الوقت لإعادته لقواعده دون جدوى، فهذه مأجورة على لبسها الشبه محتشم لكنها ليست محجبة! كما أن من تضع الكمام وترصه على أنفها ليست منقبة، وكما يوجد في عالم الصناعات شبيه الجبن وشبيه القشطة! فهذا شبيه النقاب! يعني ليس بنفس الطعم والمكونات والجودة والسعر والحكم والهدف، وإن كانت الكثير من المشهورات عندما تتعرض «للتحجير» تريح بالها وتقول أصلا أنا غير محجبة، لكن من تكيف الحجاب كما تشاء وتقول بالفم المليان «أنا محجبة» والحجاب بريء منها براءة الذئب من دم يوسف فهي من «ربع المعيدي»، وإن كنا نشد على يد المحتشمات من غير المحجبات لكن يجب تسمية المسميات بأسمائها، وأذكر أحد المفكرين عندما شطح ليقرب فكرة كان يتحدث عنها فقال إن إحدى الرقاصات قبل أن تدخل المسرح تقول: يارب وفقني!!! باعتبارها «داخلة الدوام».

زبدة الحديث إذا كان شكل «المعيدي» خارجا عن إرادته، والصدمة التي يحدثها اختلاف شكله عن مضمونه يستطيع تعديلها بسهولة فإن تناقض الشخصية وتعمد إثارة الجدل والخداع خلل يحتاج إلي مراجعة.

قفلة:

ترا الرجل النحيل فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور

ويعجبك الطرير إذا تراه ويخلف ظنك الرجل الطرير

بغاث الطير أكثرها فراخا وأم الطير مقلات نزور

فما عظم الرجال لهم بفخر ولكن فخرهم كرم وخير

@ghannia