عبدالعزيز العمري - جدة

التحفيز المادي والمعنوي والتدريب والتركيز على الأنشطة الفردية

طرح مختصون عددا من النصائح لآلية التعامل مع الأطفال في تطبيق الإجراءات الاحترازية بالمنشآت التعليمية مع اقتراب عودة طلاب المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال، خاصة فيما يتعلق بارتداء الكمامات طوال فترة الدوام الدراسي، إضافة إلى الحد من تحركات الطلبة، وذلك باستخدام إستراتيجيات متنوعة للتحفيز المادي والمعنوي، ومن بينها الحوار المفتوح مع الأطفال في المدرسة والبيت، وتفعيل نظام المكافأة، والتركيز على الأنشطة الفردية، والخروج من دائرة الإرشاد إلى التطبيق العملي في المنزل قبل العودة للمدرسة.

وأوضحوا لـ (اليوم) أن الوضع الراهن بحاجة إلى تعاون من جميع الكوادر التعليمية، وأولياء الأمور؛ لتوعية طلاب هذه الفئة العمرية، التي تتسم بالحركة والنشاط والحيوية، بتطبيق الاحترازات، والمتابعة المستمرة حتى يعتاد الطلاب على الوضع الجديد.

قال المختص بالإدارة والإشراف التربوي د. موسى السلامي، إن الدراسة الحضورية لطلاب الابتدائية ورياض الأطفال تتطلب استعداد المدارس بما فيها من معلمين وإداريين، مشيرا إلى أنهم أمام تحد كبير في التعامل مع هذه الفئات السنية وإلزامها بارتداء الكمامات طوال اليوم الدراسي، والحد من تحركاتهم وضبطهم، وهو ما يستلزم استخدام إستراتيجيات متنوعة للتحفيز المادي والمعنوي، وليس فقط الاعتماد على التوجيهات اللفظية، أو العقاب في بعض الأحيان، الذي قد يحدث رد فعل عكسيا، ومن هنا يمكن تلافي هذه المشكلة من خلال عقد ورش عمل داخل المدرسة لتحديد أفضل السبل للاهتمام بالطلاب، وكيفية ضبطهم بالطريقة التي توازن بين التزامهم بالإجراءات الاحترازية، وعدم إيقاف حركتهم داخل المدرسة. وأضاف: يمكن أن تشمل الخطة الاحترازية الإقلال من الأنشطة البدنية، والتركيز على الأنشطة الصفية، التي تشجع على العمل الفردي والتباعد الجسدي، والبعد مؤقتا عن الأنشطة الجماعية أو التعاونية حتى نهاية الجائحة، كما يمكن الاستفادة من وسائل التقنية الموجودة للترفيه عنهم بطريقة منظمة تبعد عنهم الملل من الجلوس ومحدودية حركتهم بالمدرسة.

ورش عمل بالمدارس لتحديد أفضل السبل

مراعاة الفروق والمهارات الشخصية

ذكر الأخصائي التربوي د. عبدالعزيز آل حسن، أن طلاب المرحلة الابتدائية يحتاجون إلى تعاملات مختلفة عن المراحل العمرية والدراسية الأخرى، كون هذه المرحلة تتميز بالعديد من الخصائص العمرية والنفسية والاجتماعية والتربوية، مشيرا إلى أن العودة الحضورية بالمدارس تتطلب تدريب الطلاب عمليا على المهام الاحترازية، مثل عملية غسل اليدين بعد الأكل، والتباعد عن بقية الطلاب، وطريقة ارتداء الكمامة بشكل صحيح، وكيفية وضع اليد على الفم أثناء العطاس، وعدم تبادل الأدوات الشخصية مثل الأقلام والكراسات، أو الشرب من قنينة ماء واحدة أو المشاركة بالطعام، بالإضافة إلى الإرشاد والتوجيه بطريقة سهلة في العبارات والكلمات.

وأشار إلى أهمية مراعاة الأطفال الذين لديهم ضعف في الاستيعاب أو الفهم، مع ضرورة تعاون الكادر التعليمي في مدارس الأولاد والبنات من إداريين ومعلمين، خاصة في الأيام الثلاثة الأولى لحضور الطلاب.

استحداث برامج إرشاد جاذبة للطفل

أكد الأخصائي الاجتماعي حسن بصفر، أن البيئة المدرسية السليمة أولوية لجميع المنشآت التعليمية، وهو ما يحتم وضع إرشادات وأدلة تساعد على الحد من انتقال أو تفشي الأمراض الوبائية بشكل عام، ومرض «كوفيد 19» بشكل خاص، ويتطلب التهيئة والاستعداد النفسي والاجتماعي للطلاب، مشيرا إلى أن المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع.

وقال: ينبغي إيجاد متخصصين داخل المنشأة، والخروج بنتائج لتوجيه الطلاب والمعلمين وجميع العاملين، مشيرا إلى أن العودة إلى المدارس حضوريا هذا العام لون جديد مختلف، وستظهر مخاوف جديدة لدى بعض الأهالي، وأرجو أن نتجاوزها جميعا بوعي كبير وتفهم، ولا بد أن يكون هناك تقديم دورات بشكل دوري لتوعية الطلاب وترشيدهم بشكل كبير من جانب الأسرة والمدرسة، والاستمرار في تقديم التوعية الفكرية لدى أسرة الطالب؛ لزرع قيم التعامل منذ الصغر أمام الأوبئة وآلية الوقاية، وأهم ما يمكن عمله مع هذه الفئة لمواكبة التغيير، تحديد مسارات ملونة ومجموعات للتباعد والالتزام بها وربطها بمسابقات، والجلوس مع الأهالي وتوعيتهم بالعودة الآمنة لحث أبنائهم عليها، والإرشاد بأساليب متنوعة، واستحداث برامج جاذبة، مثل تكريم «أبطال الوقاية» مع استقبالهم هذه الفئة العمرية بأساليب محببة.

الإجراءات مدروسة بشكل دقيق ومفصل

أكدت استشاري الأمراض الباطنة بمستشفى الملك فهد الجامعي د. عائشة العصيل، حرص وزارتي التعليم والصحة بالتعاون مع هيئة الصحة العامة «وقاية»، على وضع بروتوكولات تتماشى مع ما يصدر من منظمة الصحة العالمية والدراسات المعتمدة من الدول التي سبقت في العودة الحضورية، والتي كانت مدروسة بشكل دقيق ومفصل، ومن ضمنها ارتداء الكمامات طوال الوقت.

وأضافت: ارتداء الكمامات أصبح من عاداتنا اليومية وليس غريبا على الأطفال، فهم أذكياء وتعودوا على الإجراءات الوقائية من خلال مشاهداتهم لوالديهم وأهلهم، أما من ناحية ضبط التحركات فلا ننسى أنهم في التعليم «عن بُعد» كانوا أمام منصات بحركة محدودة.

وشددت على أهمية تعاون المنزل مع المدرسة في ترسيخ تلك المفاهيم؛ لكي يكتسب الأطفال مهاراتهم المفقودة، وتعويض الفاقد التعليمي في بيئة صحية تعليمية ممتعة، وفتح المجال للأطفال لتلقي للقاحات.

مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة

قالت الباحثة في قضايا الطفل والأسرة والعمل الإنساني هوازن الزهراني، إن عودة الأطفال لمقاعد الدراسة مطمئنة، خاصة مع البدء في إعطاء اللقاحات لهذه الفئة العمرية، وتطبيق الإجراءات الاحترازية في المدارس. وأضافت: العودة خطوة مهمة لاكتمال منظومة التعليم في بيئة آمنة، وتتطلب تكاتف الأسرة والمدرسة للخروج من هذه الأزمة، مشيرة إلى أن نجاح التجربة مسؤولية مشتركة بين الطرفين.

بيّن الأستاذ المساعد لطب الأسرة والطب المهني بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، د. حاتم القحطاني، أن قرار عودة طلاب المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال إلى المدارس حضوريا هي خطوة للتعايش الصحيح مع جائحة «كوفيد 19»، وعدم إهمال هذه الفئة دراسيا، بالتعليم الحضوري والتعلم الميداني، وذلك بعد العديد من الخطوات والإجراءات السليمة، التي اتخذت لتهيئة المجتمع من الناحيتين الصحية والمجتمعية.

وقال: لإكمال ‏مسيرة التعايش الصحي لهذه الفئة العمرية، ‏التي هي الفئة الأقل خطورة بالإصابة والتأثيرات الصحية، ‏فعلى ‏الآباء والأمهات والطاقم التعليمي ‏العمل بالإجراءات الصحية من تثقيف وتعليم وتوعية صحية وتباعد وتعقيم بشكل متكرر وارتداء الكمامة، ومع التأكيد على أخذ اللقاحات واللقاحات التنشيطية، والاهتمام بزرع الثقة وعدم القلق وإثارة المخاوف، وإنما بالحرص والتنبيه، وذلك لتستمر عجلة التعايش الصحي السليم مع المتغيرات والتكيف معها.

زرع الثقة وعدم إثارة القلق والمخاوف

ذكرت أستاذ دراسات الطفولة المحاضرة بجامعة أم القرى نوف حسنين، أن قرار عودة الدراسة حضوريا لمرحلتي رياض الأطفال والابتدائية جاء متوافقا مع تقارير اليونيسيف 2022، التي حذرت من خطورة استمرار إغلاق المدارس وتعطل عملية التعليم للأطفال بسبب الجائحة، ورغم أن جهود المملكة ومحاولاتها الدؤوبة في استمرارية التعليم عن بُعد يشاد بها، فإن الفاقد التعليمي عند فئة الطفولة المبكرة كان أكبر من مجرد مقررات أو وجود مشكلات في تعلم القراءة والحساب، بل إن الأطفال لم يشهدوا الفرص التعليمية المباشرة والخبرات المصاحبة لها، التي حصل عليها المتعلمون قبلهم، فحجمت مواقف التعليم عن بُعد فرص التعرض لخبرات حقيقية تثري نواحي النمو المعرفي، المهاري، النفسي، الانفعالي والاجتماعي لديهم. فلماذا لا نبارك هذه الخطوة كمربين وأولياء أمور، خاصة مع تطبيق خطط الإجراءات الاحترازية وتطبيق النماذج التشغيلية المرنة للعودة، التي أعلنتها وزارة التعليم، مع ضرورة التمهيد ومناقشة الأطفال وتدريبهم من المنزل على آلية العودة للمدارس ومتابعة ذلك من قبل المعلمات والمعلمين، كأن يناقش الأطفال مثلا عن كيفية تعقيم أنفسهم عند العودة للمنزل، وكيف أنهم بذلك يشاركون في المسؤولية الفردية والمجتمعية، التي هم جزء مهم فيها، فيحمون أفراد الأسرة من العدوى -لا قدر الله-، خاصة مع وجود كبار السن في أسرنا العربية.

تدريبات منزلية على آليات العودة الآمنة

أوضحت الأستاذ المساعد بقسم علم النفس في جامعة الأميرة نورة د. رسيس العنزي، أن عودة طلاب المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع لأكثر من عامين، تأتي تماشيا مع منهج التعايش والتأقلم مع فيروس كورونا المستجد بكل متحوراته، مشيرة إلى أنه جرى وضع البروتوكولات والتوجيهات المناسبة للعودة الآمنة.

وأضافت: هنا يأتي دور القادة والأهالي في الممارسة والتطبيق الصحيح لتلك البروتوكولات، وبالأخص الأطفال، من حيث تهيئتهم باستخدام أساليب متنوعة، منها التحفيز على اتباع البروتوكولات الوقائية، كارتداء الكمامات طوال اليوم، فالأطفال يمكن السيطرة عليهم بالمكافآت الرمزية، وكذلك استخدام لوحات تحفيزية في الفصول للأطفال الملتزمين بالإجراءات الاحترازية.

وأشارت إلى أهمية التحاور مع الأطفال في اللقاءات العائلية عن الممارسات المطلوبة منهم بداخل الفصول الدراسية، والتأكد من الرعاية المنزلية للطفل قبل الذهاب للمدرسة وبعده، كتجهيز وجبة إفطار منزلية، مضيفة: رغم مخاوف بعض الأهالي من العودة، فإننا نؤكد أهمية قبولنا للوضع الراهن والتعايش مع الظروف الحالية بشتى الطرق.

التهيئة النفسية وتفعيل أسلوب المكافأة