عبدالعزيز بن عبدالرحمن يكتب :

يعد التوثيق جزءا أساسيا منبثقا من التنظيم المرجعي الذي يخدم حاجة المهتمين، هو أسلوب يقوم بالسيطرة على المعلومات التي يمكن أن تكون بالوثيقة أيا كان نوعها كالكتب، والصور، والتسجيلات الصوتية والمرئية والنصوص الإلكترونية والعمليات الفنية التقليدية كالتجميع والاختزان والفرز، ويفترض تميزه بالتنظيم المرجعي والموضوعي والمنهجي للبيانات المتوفرة.

ويبدأ التوثيق باختيار مصادر المعلومات الملائمة، وتحديدها لأهداف التوثيق ومتطلبات الحال، ثم التنظيم أو معالجة المعلومات الوثائقية في نظام يمكن من الوصول إلى محتوياتها بصورة مقننة وبسرعة قصوى توفيرا للوقت والجهد. وتشتمل عمليات تنظيم المعلومات أو معالجتها على عمليات الرصد، والتحقق، والتدوين، والفرز، والنقد ثم الاختيار فالفهرسة والتكشيف وإعداد المرجعيات والتحليل الموضوعي للوثائق.

والمجال الرياضي مجال يؤرخ وحيوي وفيه حراك كبير، ومرتبط بالإرث الوطني لذلك فوظيفة التوثيق الرياضي تنتج توسيعا في تدفق المعلومات المدونة بين مجموعات الجمهور العاشق والباحث عن تاريخ الرياضة السعودية عامة وتثبيت تاريخ الكيانات بشكل خاص،

لذا فتوثيق الأحداث الرياضية ومن بينها البطولات المختلفة لكل الأندية والمنتخبات في كافة الألعاب هي ذاكرة الوطن المضيئة اليقظة الحصينة التي لا يدركها النسيان، وهو الركيزة الحقيقية التي يعتمد عليها الباحثون في البحث عن الحقيقة، وحلقة وصل متينة تصل حاضر الأمة بماضيها، وشاهد حي على تاريخ رياضة وطن لنعرف به مدى التطور الذي حصل في المجتمع الرياضي في جميع مفاصل حركته في ذلك الزمن الماضي، وهو المستند الصحيح المحكم المؤكد يؤخذ به على وجه الدقة والصحة والواقع والحقيقة كما هي بلا زيادة ولا نقصان، ولا حياد ولا تحيز.

ولا شك أن قضية التوثيق ذاتها عاشت مطبات تاريخية منذ سنوات فقد عقدت لجنة في زمن سابق ثم تم إلغاؤها، وطفت لجنة أخرى فعملت ثم تم إلغاؤها مما يدل على حساسية الموضوع، وأهمية النظر له بعين الاعتبار والتأني الذي يتطلب التوازن، والتوافق من قبل الأطراف والجهات والكيانات المعنية بالتوثيق والانتباه لأحقيتها في بطولاتها وتحديد تاريخها مادام مثبتا بعيدا عن معايير طارئة يتم اتخاذها بناء على معطيات آنية تتجاهل واقع الرياضة وبالذات كرة القدم منذ تأسيسها وأول مباراة لعبت على أرض الوطن فحق كل نادٍ أن يرصد ويعدد ويتباهى ببطولاته.

والحديث عن موضوع يحتاج لمختصين واعتبار واقعي وزمن مثالي كتوثيق البطولات في توقيت مستغرب يثير التساؤلات، حيث تجاوزنا منتصف الموسم الرياضي والأندية منشغلة بترتيباتها في الانتقالات والقوائم المالية والتركيز على الاستحقاقات.. وما يلفت أن الاتحاد السعودي مشغول جدا بقضايا حيوية وجدلية شكلت رأي عام وساخنة متأخرة البت فيها وتم تبريدها وقضية باردة كالتوثيق تم تسخينها..

الاتحاد السعودي يخفق مجددا ليس لوهن مسألة التوثيق وعدم جدواها بل انتقاء التوقيت الملائم وتحديدها كأن الأمور تم عدادها، وبحساب أن التوثيق أمر بسيط لا يتطلب الدراسة والمشاورة والاتفاق على معايير رسمية عادية تكمن في توثيق جميع بطولات الأندية وعدم تصنيفها لأن التصنيف ليس من اختصاص لجنة التوثيق التي ترصد وتوثق وتعد فقط.

على الاتحاد السعودي أن يحرص كل الحرص على مثل هذا الموضوع لكيلا يطاله ما طال اللجان السابقة من إلغاء، وألا يكون تكوين اللجنة بشكل غير مدروس أو غير مرتكز على علمية ومنهجية وأشخاص مقتدرين لديهم من الموضوعية والمهنية ما يجعل الجميع يرضى بعملهم.. وأن يتغير الأسلوب السابق في وضع المعايير والتصنيفات وطرائق جمع المعلومات.

كما على الاتحاد السعودي أن يضع في الاعتبار سجلات الأندية لبطولاتها ما دامت مثبتة وعدم نحرها وإقصائها بوضع معايير موجهة باتجاه أحادي مرتبط بعقول أشخاص محددين لديهم ميول تعيقهم عن أداء مهمتهم بشكل أوعى. وأتمنى على الاتحاد السعودي أن يتريث لما بعد انتهاء الموسم للتداول حول موضوع التوثيق في توقيت هادئ، يجعل لدى أصحاب العلاقة تركيزا وميلا إلى التداول في هذا الموضوع والتعاطي معه بشكل إيجابي، وألا يفتح جبهات مليئة بالضجيج حول الأندية المنشغلة بترتيب داخلها فنيا وماليا وإداريا

ويبقى القول: نريد توثيق البطولات وليست بطولات التوثيق.. نريد لجنة غنية بالرسمية لا مشبعة بالإعلام.. فلا تجعلوا أحصنة السبق تعود إلى الخلف فتثير أغبرة الظنون والتأويلات، فالجمهور الرياضي دوما ينتظر أن يمارس تشجيعه في ميادين العدالة والتوازن والمصلحة العامة.