عبدالله الغنام

لتتربع على القمة لا بد أن يكون التعليم من الأولويات في الخطط المستقبلية. والمتأمل لعدة دول كانت في أواسط القرن العشرين الماضي متأخرة في سلم التنمية يجدها اليوم في مراحل أفضل ومتقدمة بسبب اهتمامها الشديد بالتعليم منها مثلا: كوريا الجنوبية وسنغافورة. ويؤكد هذا المفهوم ما قاله الوزير والسفير والأديب والشاعر غازي القصيبي -رحمه الله-: الطريق إلى التنمية يمر أولاً بالتعليم، وثانياً بالتعليم، وثالثاً بالتعليم.

وبحسب (يو أس نيوز) وبناءً على مسح استطلاعي، فإن أفضل خمس دول بالعالم في التعليم هي بالترتيب: أمريكا، بريطانيا، ألمانيا، كندا، فرنسا. ولعل البعض مثلي يتساءل عن المعايير والمقاييس، التي أخذت بعين الاعتبار من أجل هذه القائمة، والتي هي قد تكون استطلاعا عاما أكثر منها دراسة بحثية شاملة ومستفيضة. ولكنها على الأقل تبين بشكل عام التطور في منظومة التعليم في هذه الدول المتقدمة. وقد احتلت المملكة العربية السعودية المركز (35)، وهي الثانية عربيا بعد الإمارات العربية المتحدة (27).

ومناسبة الحديث أن (24) يناير يوافق «اليوم الدولي للتعليم». والشعار لهذا العام (2022م) هو «تغيير المسار، إحداث تحول في التعليم». وبحسب موقع اليونسكو، فهناك لا يزال (258) مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدارس و(617) مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة والكتابة والقيام بعمليات الحساب الأساسية. صحيح أن الإحصائية عن الأطفال والمراهقين، الذين لم يحصلوا على التعليم الضروري لها مداولاتها، ولكن في المقابل أيضا كبار السن لا بد أن يكون لهم نصيب من الاهتمام، فهم كذلك جزء من المجتمع. ومن هنا نعلم أهمية خفض نسبة الأمية في أي بلد يعتبر إنجازا مهما في جعل التعليم متاحا للجميع حتى كبار السن. وبحسب الشرق الأوسط (عدد 15626) فقد نجحت السعودية في خفض نسبة الأمية بين مواطنيها إلى (3.7) في المائة، حيث أعلنت وزارة التعليم عن جهودها المكثفة، التي استهدفت الأميين وكبار السن.

وكما أسلفنا، فإن المتتبع للدول التي تقدمت بمراحل في آسيا مثل: النمور الآسيوية (كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ)، كان تطوير التعليم جزءا أساسيا وضروريا من عناصر التقدم إذا لم يكن هو العنصر الأول. ومن المؤكد أن عوامل النجاح والتطوير للتعليم متعددة الجوانب (المعلم، المناهج، المباني والتقنية والوسائل والأساليب الحديثة) في أي منظومة متكاملة تعليمية، ولكن أعتقد أن العامل الأول هو المعلم ثم يأتي بعد ذلك باقي العوامل الأخرى والمؤثرة في بناء الصرح التعليمي.

ولا بد من التأكيد على أن الرؤية (2030) كان لها الأثر الواضح في وضع البوصلة في الاتجاه الصحيح نحو الصعود إلى بوابة الدول المتقدمة في مجال التعليم تحت شعار (بناء الإنسان للمنافسة عالميا). ومن الجدير، أن نشير إلى بعض من المنجزات لأنها دافع إيجابي وتفاؤلي في المضي قدما نحو الأهداف المنشودة. منها مثلا دخول (3) جامعات سعودية ضمن الأفضل في التصنيفات العالمية. وفي مجال البحث والابتكار والتطوير ارتفعت نسبة نشر البحث العلمي إلى (120 %). وتم كذلك تسجيل (143) براءة اختراع لمنسوبي الجامعات السعودية. ونالت المملكة أكثر من (600) جائزة عالمية وإقليمية ضمن مشاركة الطلبة في المحافل الخارجية. وأيضا من المبادرات، التي تسير في الاتجاه نحو التطوير هو (البرنامج الوطني) للكشف عن الموهوبين والأولمبياد الوطني للإبداع العلمي. ويضاف إلى ذلك البرنامج التدريبي لتأهيل (1018) معلماً ومعلمةً وفق منهجية (STEM)، الذي يتألف من العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

وباختصار شديد، التعليم هو التنمية، والتنمية هي التعليم.

abdullaghannam@