سعود القصيبي

بينما كنت أقرأ تلك الرسائل الكثيرة التي تصل جروبات الواتساب المتعددة ظهر فيديو لأحدهم يذكر ضرورة سعودة قطاع أصحاب الأجور العالية دون كافة فئات العمل. وبينما نريد أن يحصل كل مواطن على رواتب مجزية إلا أننا نريد بذات الوقت السعودة الكاملة والشاملة وليس استثناء فئات عن فئات كما أراد متحدثنا وهو رأي اجتهد فيه فأخطأ. فإن سافرنا إلى أي دولة بالعالم نجد مواطنيها يعملون في كل قطاع وفي كل مجال فإن استثنينا غلب الاستثناء على الكل وتعثرت مساعينا وأصبحنا كمن يقطف ورق الورد قائلين تحبني.. لا تحبني، حتى تنتهي تلك الوردة بلا ورق «فتنطل» أو كما يقال بالعامية. فهي إما سعودة أو لا سعودة وحتى نكون جادين بالطرح، فإما وردة نتمتع برائحتها وشذاها وإلا لا نفع لنا بوردة لا رائحة فيها خاملة أو أخرى ليس بها ورق.

وللسعودة الكاملة الشاملة أن تتحقق، يجب علينا اتباع سياسة الحث والتشجيع كما مع الترغيب لكي يكون كل مكون في اقتصادنا متفقا تماما مع الأهداف والغاية من السعودة. فلا تزيد البطالة أو تتعطل الأعمال أو تهمش التنمية. فليس هو الترهيب مما يشجع على السعودة إنما هو الحث عليها وعمل برامج متخصصة للتأكد من زوال مسببات الحاجة لتوظيف الوافد من تلك الوظائف. كما أن لتحقيق السعودة يجب علينا كلنا أن نكون على صفحة وكتاب واحد من تلك الغاية السامية.

وكمثال عملي على الترغيب يذكر في التعليم أن سياسة الضرب بالعصا أثبتت فشلها، وسبق أن نظرنا إلى أسبابها ومسبباتها ووجدنا أنها لم تحقق الهدف المرجو من ذاك العقاب فأزلناها وإلى ما هو أفضل. والأمثلة على الترهيب كثيرة ومن أمثلتها اتباع سياسة زيادة عنصر التكلفة على المنشآت والمؤسسات وكما مع الحد الأدنى للأجور وليس هو الحل وإلا لتحققت السعودة ومنذ فترة طويلة من الزمن. كما يمكن للقطاع الخاص ببساطة رفع تكلفة السلع والخدمات لتغطية الفرق بينما يستمر التحويل من العمالة الوافدة للخارج مستنزفة المليارات من الاقتصاد ومن إيرادات النفط بالعملات الأجنبية.

وعلى العكس الرسوم للعمالة الوافدة أو من تلك الألوان المتغيرة من برامج السعودة تأتي ككلفة إضافية على قطاع الأعمال ولا تخدم التنمية ولها وقع سلبي على متخذ القرار لدى القطاع الخاص الاستثماري والمثل يقول «إذا أردت أن تطاع اطلب المستطاع». فالترغيب هو المطلوب وليس الترهيب وإلا لأصبح ضرب الأطفال بالمدارس هو الخيار الأفضل للتعليم. وهناك العديد من الحلول دون الترهيب إلا أنها تحتاج لتضافر الجهود من قطاعات متعددة.

ومن الأمثلة الناجحة السعودة القطاعية بالتضامن مع مواءمة التعليم والتدريب. ولقد رأينا فعاليتها في شركة سابك وأرامكو السعودية فهم من خلال برامجهم بالتضافر مع برامج التدريب والتعليم استطاعوا تأهيل كادر سعودي كلنا نفتخر بإنجازاتهم.

ويطالب القطاع الخاص بالسعودة دون وجود برامج تدريب أو تأهيل كما في قطاع المطاعم وغيره من القطاعات. فليس هناك معاهد مهنية متخصصة بقص اللحوم أو كافيه لتعلم فن الطبخ لتغطية احتياج الآلاف من المطاعم. فتكاد تنحصر السعودة في الاستقبال أو الكاشير بينما جل الوظائف هي بأعمال التحضير للأطعمة. وكذلك نرى ذات الأمر في وظائف المشاغل النسائية على كثرتها أو في الصالونات الرجالية كما نراها تتكرر في الفنادق وغيرها من القطاعات الخدمية.

وليس هناك مواءمة للتعليم واضحة المعالم وكافية وإلا لأصبح كل التمريض بمستشفياتنا يقوم به أبناء وبنات الوطن. وهناك الآلاف من الفرص الوظيفية الشاغرة للوافد بسبب عدم وجود مثلها من تخصصات أو من كفاية خريجين بالجامعات السعودية. وقد شاهدنا أداء قطاع التمريض السعودي من خلال جائحة الكورونا الرائع بكل المقاييس فهم يستحقون منا الإشادة من كفاءة متناهية كلنا نفتخر بوجودها بين ظهرانينا.

ويمكن إن نظرنا إلى الترغيب يمكننا تزويد القطاع الخاص بمميزات عند السعودة من خفض الرسوم بشكل مؤثر أو من إزالتها عن السعودة بنسب عالية. كما يمكن بالإضافة دعم قطاع التأهيل والتدريب بتيسير قروض في قطاعات محددة حسب الدراسات لتلك الوظائف.

السعودة الشاملة الكاملة بالنهاية هي الآمال والتطلعات ومع تضافر الجهود والهمم من القطاعات المختلفة كل شيء سوف يتحقق بإذن الله.

@SaudAlgosaibi