عبدالعزيز الذكير

باستطاعتي القول، بل الجزم بأن أكثر شعراء النبط -قل كلهم- يملكون الموهبة الكلامية والقدرة على تناول الأنواء والمناخ والأمطار ومدى منفعتها الموسمية، ووجدنا غالبية شعراء النبط متمكنين ومهرة، بل ومتألقين في الطقوس والأنواء، إلى جانب اختيار المفردات الدقيقة والصحيحة لوصف وإجلاء مخزونهم، وهذا فيما أرى غير متوافر لدى كل شعراء الفصيح.

السيل يا سدرة الغرمول يزيك (يسقيك)

من مزنة هلت ألما عقربيه.

إلى أن يقول: -

نطيت أنا الداب وأنيابه مشاويك

والله وقاني من أسباب المنيه

يا رجل لو هو مصيبك وين اداويك

ودواكي يم الحساء صعب عليه

ولما للأحساء في المنطقة الشرقية من عمق تاريخي، خصوصا في التاريخ الشفهي، ولما لها من دور في حياة البادية.

وقال بعض الرواة إن المقصودة في هذه الأبيات، أن هناك أكثر من منطقة توجد بها الحسا مثل حسا المدينة المنورة، وقرية الحسا في وادي الحسا بالأردن.

ومعروف عند أهل الرعي أن أمطار انصراف فصل الشتاء قليلة النفع، (العقارب) فما أن ينبت العشب إلا وأتت عليه حرارة الشمس، فهو لا ينفع إلا الأشجار دائمة الخضرة مثل السدر والطلح والعوسج وأنواع أخرى أجهلها، لهذا السبب جاء الشاعر على أشجار السدر لمعرفته بأن سيل العقارب غزير، لكن منفعته لعشب المرعى غير مشاهدة.

وقد اختلف رواة الشعر الشعبي في اسم قائل تلك القصيدة، وإن ترنم بها المغنون والملحنون وراجت عند أهل السامري وعند أهلنا في تهامة والجنوب بحيث عزفوها على العود، لكن الاختلاف ظل قائما في اسم الشاعر بدليل الاختلاف في المقصود بالـ.. حسا.

ويذهب القائلون إن الحسا هو المعروف بالمنطقة الشرقية، ويحاولون تثبيت ذلك بأبيات من قصيدة أخرى تقول: ياخوي جب لي طبيب من الحسا وعجلا + وان ما حصل لي طبيب فالموت مني دنا.

شعراء النبط يعرفون الجغرافية أكثر من (ناشونال جيوغرافيك) المجلة الأمريكية National Geographic

@A_Althukair