في العقد الأخير، أضحت الميليشيا عنوان المرحلة العسكرية والأمنية في بعض البلدان العربية، لا سيما تلك التي وقعت في فخ الربيع العربي، فهذا الربيع الموهوم قد أحدث فراغا سلطويا في جغرافيا العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان وحتى السودان والصومال، وتحول المشهد العام إلى فوضوية متداخلة ومتناقضة بصورة تعجز عن التفسير في تعقيداتها وضبابيتها.
فكرة صناعة الميليشيا داخل الأوطان العربية تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، فبعد الخسارة العنيفة التي تعرضت لها طهران في حربها الطويلة مع العراق، لجأت إلى طرق المواجهة غير المباشرة مع الحكومات العربية عبر خلق الميليشيا الطائفية التابعة لأجندتها الثورية، ولعلنا نتذكر مقولة الهالك قاسم سليماني بأن فكرة صناعة الميليشيا هي أفضل ما أنتجته الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة، وبالتالي تمكنت الميليشيا الفوضوية أن تصنع من ذواتها كيانات موازية للدولة الوطنية.
في واقع التاريخ، الميليشيا لا تتقاطع مع نظم الديمقراطية على الإطلاق، لكن المشهد العربي يخالف هذه البديهية المسلمة، ففي الحالة العراقية مثلا، نجد للميليشيا الطائفية تمثيلا رسميا في مجلس النواب، وتمثيلا وزاريا في نظام المحاصصة داخل الحكومة، بل إن الحالة تتعدى في كارثيتها إلى امتلاك الميلشيا حق تصدير النفط العراقي، وإقامة نقاط التفتيش الأمنية، واستغلال الموانئ البحرية والانتفاع من مردود الجمارك العامة في سابقة مأساوية لا نجد لها مثيلا حول العالم.
وفي الحالة اللبنانية، نجد أن حزب الله قد قزم حجم الدولة الوطنية إلى مستوى الحزب الطائفي، وأصبح يمارس على اللبنانيين منهج الوصاية، ويهدد الحكومات المتعاقبة بالميليشيا التي يحشدها بين الفينة والأخرى، مما تسبب في تأزيم الوضع السياسي اللبناني حتى أضحت الحكومة عاجزة عن عقد اجتماعاتها الدورية، كما تهاوت العملة الاقتصادية لدرجة الانهيار التام، وعلى الرغم من كل هذا التردي إلا أن ميليشيا حزب بالله باستطاعتها أن تحرق لبنان بأكمله من أجل ابتسامة المرشد الإيراني.
وأما الحالة اليمنية فتسعى ميليشيا الحوثي الانقلابية إلى تغيير الهوية العربية وتفريس المجتمع لأجل تمرير المشروع الثوري، وعلى الرغم من تمكنهم من اختطاف جغرافيا الشمال اليمني لصالحهم إلا أن الضربات الأخيرة التي وجهها التحالف لمعسكراتهم الحيوية قد أضعفتهم كثيرا وأعادت مشروعهم إلى الوراء كثيرا، فتحرير محافظة شبوة بالكامل بالإضافة إلى مناطق في مأرب والبيضا سيضيق الخناق على ميليشيا الحوثي ويجعلها في حالة حرجة جدا.
وفي الختام،، لا يوجد في التاريخ دولة صنعت حضارة تنموية وهي تستند على فكرة الميليشيا، فبناء الدولة الحديثة يبدأ بحل وتسريح الميليشيا وإنهاء وجودها على الإطلاق، فمنطقتنا العربية لم تشهد حضور الميليشيا بهذه الكثافة المعقدة إلا في العشر السنوات الأخيرة، ولو فتشت عن الأسباب ستجد إيران هي السبب الأول والأخير.
@albakry1814
فكرة صناعة الميليشيا داخل الأوطان العربية تعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، فبعد الخسارة العنيفة التي تعرضت لها طهران في حربها الطويلة مع العراق، لجأت إلى طرق المواجهة غير المباشرة مع الحكومات العربية عبر خلق الميليشيا الطائفية التابعة لأجندتها الثورية، ولعلنا نتذكر مقولة الهالك قاسم سليماني بأن فكرة صناعة الميليشيا هي أفضل ما أنتجته الإستراتيجية الإيرانية في المنطقة، وبالتالي تمكنت الميليشيا الفوضوية أن تصنع من ذواتها كيانات موازية للدولة الوطنية.
في واقع التاريخ، الميليشيا لا تتقاطع مع نظم الديمقراطية على الإطلاق، لكن المشهد العربي يخالف هذه البديهية المسلمة، ففي الحالة العراقية مثلا، نجد للميليشيا الطائفية تمثيلا رسميا في مجلس النواب، وتمثيلا وزاريا في نظام المحاصصة داخل الحكومة، بل إن الحالة تتعدى في كارثيتها إلى امتلاك الميلشيا حق تصدير النفط العراقي، وإقامة نقاط التفتيش الأمنية، واستغلال الموانئ البحرية والانتفاع من مردود الجمارك العامة في سابقة مأساوية لا نجد لها مثيلا حول العالم.
وفي الحالة اللبنانية، نجد أن حزب الله قد قزم حجم الدولة الوطنية إلى مستوى الحزب الطائفي، وأصبح يمارس على اللبنانيين منهج الوصاية، ويهدد الحكومات المتعاقبة بالميليشيا التي يحشدها بين الفينة والأخرى، مما تسبب في تأزيم الوضع السياسي اللبناني حتى أضحت الحكومة عاجزة عن عقد اجتماعاتها الدورية، كما تهاوت العملة الاقتصادية لدرجة الانهيار التام، وعلى الرغم من كل هذا التردي إلا أن ميليشيا حزب بالله باستطاعتها أن تحرق لبنان بأكمله من أجل ابتسامة المرشد الإيراني.
وأما الحالة اليمنية فتسعى ميليشيا الحوثي الانقلابية إلى تغيير الهوية العربية وتفريس المجتمع لأجل تمرير المشروع الثوري، وعلى الرغم من تمكنهم من اختطاف جغرافيا الشمال اليمني لصالحهم إلا أن الضربات الأخيرة التي وجهها التحالف لمعسكراتهم الحيوية قد أضعفتهم كثيرا وأعادت مشروعهم إلى الوراء كثيرا، فتحرير محافظة شبوة بالكامل بالإضافة إلى مناطق في مأرب والبيضا سيضيق الخناق على ميليشيا الحوثي ويجعلها في حالة حرجة جدا.
وفي الختام،، لا يوجد في التاريخ دولة صنعت حضارة تنموية وهي تستند على فكرة الميليشيا، فبناء الدولة الحديثة يبدأ بحل وتسريح الميليشيا وإنهاء وجودها على الإطلاق، فمنطقتنا العربية لم تشهد حضور الميليشيا بهذه الكثافة المعقدة إلا في العشر السنوات الأخيرة، ولو فتشت عن الأسباب ستجد إيران هي السبب الأول والأخير.
@albakry1814