خالد الشنيبر

في الواقع هناك فجوة في إيصال الأهداف بين الجهات التشريعية وبين قطاع الأعمال خاصة فيما يتعلق بسوق العمل، وهذه الفجوة يختلف حجمها بين الحين والآخر وفقا لنوعية القرار الذي يتم الإعلان عن تطبيقه في سوق العمل، ومن أهم العوامل التي لها تأثير في هذه الفجوة هي «لغة التخاطب» بين أطراف سوق العمل، وهذه اللغة بشكل مبسط هي لغة «تخصص الموارد البشرية» والتي تختلف عن أي لغة أعمال أخرى.

في هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن أهمية وجود لجان مستقلة للموارد البشرية وسوق العمل في جميع الغرف التجارية المنتشرة في مناطق المملكة، وعن أهمية تمكينها بإعطائها دورا أكبر في مناقشة التوجهات التي تخص سوق العمل قبل تطبيقها.

في البداية من المهم توضيح نقطة مهمة تخص سوق العمل في جميع أنحاء العالم بما فيها سوق العمل السعودي، وهي أن وجهة نظر وتفسير أصحاب الأعمال للقرارات التي يتم أو سيتم تطبيقها على سوق العمل تختلف عن وجهة نظر الباحثين عن العمل والعاملين بالقطاع الخاص، وأيضا تختلف عن وجهة نظر المختصين في سوق العمل والموارد البشرية، وقد نرى تباينا واختلافا مع وجهة نظر المسؤولين في وزارة الموارد البشرية أو الجهات الأخرى المعنية بسوق العمل، أي بمعنى أشمل لن نجد أي اتفاق عام على أي قرار يخص سوق العمل مهما كان نوعه.

بتحليل أوسع لهذا الاختلاف والتباين سنرى أن الحلقة الأهم لعمل التوازن بين الجهات المعنية بسوق العمل وبين القطاع الخاص هي وجود حلقة وصل «تخصصية»، وتلك الحلقة ينبغي أن تكون لغتها التخصصية بممارسات الموارد البشرية وسوق العمل، ووجودها سيكون له أثر إيجابي كبير في تطوير سوق العمل للقطاع الخاص مما ينعكس بشكل كبير على جميع المستهدفات التي تعمل عليها جميع القطاعات في المملكة تماشيا مع رؤيتها.

أحد أهم القنوات التي لها دور في تقليل تلك الفجوة وتسهيل وإيصال رسالة ومستهدفات الجهات المعنية في سوق العمل هي لجان «الموارد البشرية وسوق العمل» بالغرف التجارية، ودور تلك اللجان يختلف كليا عن دور لجان الأعمال القطاعية الأخرى الموجودة في الغرف التجارية كاللجان التجارية والصناعية والقطاعات الأخرى، وقد يختلف معي البعض على أهمية وجودة لجان مستقلة للموارد البشرية وسوق العمل في كل غرفة تجارية، وقد يرى البعض أن اللجان الأخرى تعمل على مناقشة التحديات التي تواجهها بشكل مستقل ومن ذلك التحديات التي تخص سوق العمل للقطاع نفسه.

عند الحديث عن لجنة صناعية مستقلة فهذا يعني أعضاءها من أصحاب الأعمال للقطاع الصناعي، ووجودهم في لجنة مستقلة سيساهم بالتأكيد في مناقشة تحديات القطاع في الجوانب التشغيلية والتخصصية، وبنفس الأمر عند وجود لجنة مستقلة للموارد البشرية وسوق العمل تضم أعضاء متخصصين في تخصص الموارد البشرية من مختلف القطاعات سيساهم ذلك في تطوير سوق العمل وعمل توازن بين أطرافه لتقليل احتمالية حدوث أي ضرر.

اليوم نحن في مرحلة مهمة وهي مرحلة تواجد المرونة في مراجعة القرارات التي يتم تطبيقها بشكل دوري والعمل على تحسين آلية تطبيقها، وهذا التوجه صحي جدا للوصول لجميع المستهدفات التي تعمل عليها حكومة المملكة في رؤيتها، ومن خلال السنوات الماضية القريبة نجد أن القرارات التي تخص سوق العمل شهدت حزمات تغيير جذرية ومتسارعة، ولذلك وجود «وسيط» بين الجهات التشريعية المعنية بسوق العمل وبين القطاع الخاص يعتبر ضرورة لا غنى عنها حتى لا تتشعب الأمور.

ختاما، لجان الموارد البشرية وسوق العمل دورها يختلف جذريا عن جميع اللجان القطاعية الأخرى، ويختلف عن دور لجان شركات الموارد البشرية والاستقدام، وما ذكرته أعلاه لا يقلل من دور وجهود جميع اللجان القطاعية في الغرف التجارية، وما أردت إيصاله هو أهمية التكامل والتخصص بما يخدم قطاع الأعمال بشكل أكبر.

@Khaled_Bn_Moh