صالح شيحة

لا يختلف اثنان على أن نجاح أى علاقة بين البشر، يعتمد على نجاح وصول الرسالة من أحدهما للآخر، وأن يفهمها الآخر كما قصدها المرسل، وهذا الأمر ينطبق على شتى مجالات الحياة.

ومعنى أن تصل الرسالة ليست كاملة، وليست واضحة، فستكون النتيجة أن تصبح العلاقة فاشلة، والفشل سيترتب عليه الكثير من المشاكل، التي لن تحل إن لم نسع لإنجاح عملية الاتصال.

ومن أهم العلاقات بين البشر، والتي يجب أن تكون ناجحة، هي العلاقة بين الطبيب والمريض.

وللأسف، في مجتمعاتنا العربية، كلاهما ما زالا يفتقران إلى مهارات الاتصال الفعال، وكيفية بناء عملية اتصال ناجحة، فالطبيب -إلا من رحم ربي- لا يعطي للمريض الوقت الكافي للتحدث، يفتقد لمهارة الاستماع، وكذلك مهارة السؤال، والتي يجب عليه أن يجيدها مع المريض الذي يقوم هو الآخر بإخفاء بعض المعلومات عن الطبيب، والتي بالطبع، سيتسبب إخفاؤها في فشل العلاج، لأن التشخيص خاطئ بسبب نقص المعلومات.

ولأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فلن نحمل الطبيب المسئولية، لأننا نعلم بحجم الضغوط التي يتعرض لها، والعدد الكثير للمرضى، ولكننا نحاول أن نلفت الانتباه لأهمية عملية الاتصال والتواصل بينه وبين المريض، وأن يحاول قدر استطاعته زيادة فترة اللقاء مع المريض، فقد أثبتت الدراسات أن الاستماع والإنصات للمرضى من قبل الطبيب من أهم أسباب الشفاء.

يقال إن المحكمة العليا الأمريكية لم تتردد في إثبات مسئولية الطبيب عن وفاة مريضة بعد سنة من رفضها للعلاج بسبب عدم إخباره لها عن مخاطر عدم العلاج، بحجة أن المحكمة قد رأت أن المريض العادي في موقع المريضة كان سيقبل العلاج لو أن الطبيب أوضح له بشدة مخاطر عدم العلاج، وهذا يدل على قصور في العملية الاتصالية.

بينما قامت محكمة أخرى بعدم إثبات مسئولية الطبيب عن وفاة مريض، حيث قالت في حيثيات حكمها: «إن الطبيب الذي باشر علاج المريض، أكد أنه لا توجد لديه أي بينة بأن المريض كان يعاني من مرض القلب» وهو ما ترتب عليه عدم قدرته على اتخاذ الإجراءات الواجب اتخاذها إذا علم بذلك.

خلاصة القول، لا تجعلوا من فشل عملية الاتصال سببا للوفاة، احرص على الإنصات أيها الطبيب، واحرص على الفضفضة أيها المريض.

@salehsheha1