تحل هذه الأيام ذكرى مرور أحد عشر عاماً على اندلاع ثورات ومآسي الربيع العربي، ونظراً لما أحدثته من فواجع وكوارث لا تزال آثارها قائمة حتى الآن، فلا بد من وقفة تأملية وقراءة ولو سريعة لهذه الثورات العبثية.
يجب أولا أن نفهم ونحدد طبيعة الثوار أو دعاة الثورية حتى نعي معضلة الثورة ذاتها، ومن هذا المنطلق قد نستوعبها كمرض نفسي أو اجتماعي يتعلق بذوات الثوار أنفسهم، لا سيما ما يتعلق بثوريتهم المزمنة أو اللانهائية، فهؤلاء الثوار لا يعرفون الهدوء ولا يستطيعون كبح جماح ثوريتهم، وهذا يفسر فشلهم دائماً إذا وصلوا إلى سدة الحكم كونهم لا يمتلكون مشاريع تنموية أو خططا إستراتيجية في تحقيق طموحات شعوبهم وأحلامهم، فيبقون أسرى لجاذبية الثورة وخداع شعاراتها، ولعلنا نتفهم من ذلك معنى بعض الشعارات، التي كانت ترفع في القاهرة وطرابلس وتونس وصنعاء أبان الربيع العربي وتنادي بإسقاط الرئيس القادم كتعبير صريح عن الثورة الأبدية أو الثورة، التي لا تصل إلى هدف، ومن هنا يتم تفسير مزاج الثوار كمرض نفسي اجتماعي أكثر من كونها حاجة سياسية.
المعاني التي يطلقها الثوار أو دعاة الثورة على منصات التواصل الاجتماعي تتبنى في ظاهرها قيما إنسانية نبيلة كالعدل وتحقيق المساواة والقضاء على الظلم والفساد، بيد أن قراءة فاحصة لسلسلة الثورات، التي اندلعت في منطقتنا العربية منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي وحتى السنوات الأخيرة تعكس عن حقيقة تخلي الثوار عن هذه الشعارات فور تمكنهم من الحكم، وهذا يعود بصراحة إلى طبيعة اضطراب النفسية الثورية بعد تسلمها للمناصب القيادية، التي تحتاج إلى مهارات إدارية وقدرات لا تتوافق مع طبيعة الشخصية الثورية، التي تكون أقرب إلى الاضطراب المزاجي حتى لو كانت تمتلك الكاريزما الإنسانية أو مهارات الخطابة والفصاحة، لأن المعيار الفعلي في الإدارة هو القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة والصائبة على المدى البعيد، وهذا ما لم نجده أبداً في تلك القيادات الثورية.
ولو تأملنا عشرات الثورات، التي اندلعت حول العالم لوجدنا أغلبها قد باءت إلى الفشل، ومما يزيد الأمر سوءاً أن وسائل الإعلام التابعة لها تصور عبر برامجها الإعلامية أن وصول هؤلاء الثوار إلى الحكم وتمكنهم من إزالة النظام السابق هو معيار النجاح الوحيد، ولا تصور لهم أن النجاح الحقيقي يكمن في رفع مستوى المعيشة للشعب وتحقيق طموحاته وآماله وتطلعاته!!.
وفي الختام، يخطئ بعض قراء التاريخ عندما يرجعون نجاح الحكومة الصينية إلى كونها نتاجا ثوريا مستمرا، وهذا خطأ فادح وشنيع كونه يفتقر إلى القراءة الفاحصة لتاريخ الصين الحديث، فهذه النهضة الأخيرة ما كانت لتتحقق بهذه الصورة الإعجازية لولا إصلاحات الحزب الحاكم، وتخليها عن أفكار ماو الثورية، فالحقيقة التي لا تحتاج إلى برهان بأن الصينيين لو استمروا على نهج ماو الثوري لكانوا يقبعون اليوم على هامش التاريخ، وليسوا دولة تنافس على انتزاع صدارة العالم، فالفكر الثوري المزمن لا ينتج تنمية حقيقية على الإطلاق.
@albakry1814
يجب أولا أن نفهم ونحدد طبيعة الثوار أو دعاة الثورية حتى نعي معضلة الثورة ذاتها، ومن هذا المنطلق قد نستوعبها كمرض نفسي أو اجتماعي يتعلق بذوات الثوار أنفسهم، لا سيما ما يتعلق بثوريتهم المزمنة أو اللانهائية، فهؤلاء الثوار لا يعرفون الهدوء ولا يستطيعون كبح جماح ثوريتهم، وهذا يفسر فشلهم دائماً إذا وصلوا إلى سدة الحكم كونهم لا يمتلكون مشاريع تنموية أو خططا إستراتيجية في تحقيق طموحات شعوبهم وأحلامهم، فيبقون أسرى لجاذبية الثورة وخداع شعاراتها، ولعلنا نتفهم من ذلك معنى بعض الشعارات، التي كانت ترفع في القاهرة وطرابلس وتونس وصنعاء أبان الربيع العربي وتنادي بإسقاط الرئيس القادم كتعبير صريح عن الثورة الأبدية أو الثورة، التي لا تصل إلى هدف، ومن هنا يتم تفسير مزاج الثوار كمرض نفسي اجتماعي أكثر من كونها حاجة سياسية.
المعاني التي يطلقها الثوار أو دعاة الثورة على منصات التواصل الاجتماعي تتبنى في ظاهرها قيما إنسانية نبيلة كالعدل وتحقيق المساواة والقضاء على الظلم والفساد، بيد أن قراءة فاحصة لسلسلة الثورات، التي اندلعت في منطقتنا العربية منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي وحتى السنوات الأخيرة تعكس عن حقيقة تخلي الثوار عن هذه الشعارات فور تمكنهم من الحكم، وهذا يعود بصراحة إلى طبيعة اضطراب النفسية الثورية بعد تسلمها للمناصب القيادية، التي تحتاج إلى مهارات إدارية وقدرات لا تتوافق مع طبيعة الشخصية الثورية، التي تكون أقرب إلى الاضطراب المزاجي حتى لو كانت تمتلك الكاريزما الإنسانية أو مهارات الخطابة والفصاحة، لأن المعيار الفعلي في الإدارة هو القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة والصائبة على المدى البعيد، وهذا ما لم نجده أبداً في تلك القيادات الثورية.
ولو تأملنا عشرات الثورات، التي اندلعت حول العالم لوجدنا أغلبها قد باءت إلى الفشل، ومما يزيد الأمر سوءاً أن وسائل الإعلام التابعة لها تصور عبر برامجها الإعلامية أن وصول هؤلاء الثوار إلى الحكم وتمكنهم من إزالة النظام السابق هو معيار النجاح الوحيد، ولا تصور لهم أن النجاح الحقيقي يكمن في رفع مستوى المعيشة للشعب وتحقيق طموحاته وآماله وتطلعاته!!.
وفي الختام، يخطئ بعض قراء التاريخ عندما يرجعون نجاح الحكومة الصينية إلى كونها نتاجا ثوريا مستمرا، وهذا خطأ فادح وشنيع كونه يفتقر إلى القراءة الفاحصة لتاريخ الصين الحديث، فهذه النهضة الأخيرة ما كانت لتتحقق بهذه الصورة الإعجازية لولا إصلاحات الحزب الحاكم، وتخليها عن أفكار ماو الثورية، فالحقيقة التي لا تحتاج إلى برهان بأن الصينيين لو استمروا على نهج ماو الثوري لكانوا يقبعون اليوم على هامش التاريخ، وليسوا دولة تنافس على انتزاع صدارة العالم، فالفكر الثوري المزمن لا ينتج تنمية حقيقية على الإطلاق.
@albakry1814