د. يعن الله الغامدي

ذكر الشيخ علي الطنطاوي، رحمه الله، في كتابه «صور وخواطر» بأن العلامة الشيخ محمد الخضري أصيب في آخر عمره بتوهم أن في أمعائه ثعبانا فراجع الأطباء وسأل الحكماء وكانوا يدارون الضحك حياء منه ويخبرونه أن الأمعاء قد يسكنها الدود ولا يسكنها الثعابين فلا يصدق.

حتى وصل إلى طبيب حاذق بالطب وعليم بالنفسيات وقد سمع بقصته فسقاه مسهلا وأدخله الحمام وكان قد وضع له ثعبانا به فلما رآه أشرق وجهه ونشط جسمه وأحس بالعافية ونزل يقفز قفزا، وكان قد صعد متحاملا على نفسه يئن ويتوجع ولم يشعر بالألم بعد ذلك.

ومن المعروف أن الوهم نصف الداء ولذلك صنفوه من الأمراض النفسية وبما أن للإنسان مراكز ضعف وقوة ومناطق شجاعة وجبن، فلا بد لأحدهما أن يتغلب على الآخر، وذروة اليأس أن تدخل نفسك سرداب الوهم، والقوى الداخلية في كل شخص نراها تنام فيوقظها الفرح، وقد تضعف فيحركها الخوف، وكل فرد بطبيعته دائما ما يبحث عن الأسباب التي تساعده على زيادة طول العمر وهو في صحة وعافية، وإلا لما بحث عن نظام غذائي صارم وعن نشاط رياضي دائم، لكي يحيا مرتاحا في إحدى محطات الحياة ومحطة النجاح الجميلة التي ينشدها الفرد طريقها سهل إذا تحمل الانكسارات وقصير إذا تعدى بعض المشكلات، فالبحر له مد وجزر والعام فيه صيف وشتاء، ولن يتجاوز تلك التحديات إلا ذو إرادة قوية، وعادة ما يكون هو الوحيد الذي لا يطيل الوقوف عند أي من هذه المحطات، فالحياة تتقلب ولكنها لا تتوقف والفرص فيها قد تضيع ولكنها لا تنتهي. ولمثل هذه الحالات غالبا ما تكون المواجهة أرحم من الهروب من المشكلة، فالرضيع مثلا كم يتعثر ليتعلم المشي؟!

إن الحياة جميلة بجميع محطاتها ومن لم يصنع السعادة لنفسه فلن يصنعها الآخرون له، إذ لكل إنسان خصائص ولديه مميزات شعر بها أو لم يشعر، ولو خلت الحياة من المتاعب لما استمتعنا بذكرياتها، فالصحة والعافية سعادة، والمال وحده لا يجلب هرمونات السعادة، فتاج كسرى لم يحمي رأسه من الصداع فلا تقلل من سعادتك، ولا تنقص من أمنياتك، وتأكد بأن سعادة الإنسان بين الأبناء والخلان لا تقدر بالأثمان! ‫‬

@yan1433