اليوم - الدمام

كشف تقرير اقتصادي أن أسعار السلع واصلت ارتفاعها رغم كثرة التقلبات والاضطرابات في أسواق الأسهم والسندات؛ إذ سجل مؤشر بلومبيرج للسلع الفوريّة، الذي يتتبّع أداء 24 من العقود الآجلة خلال الشهر القريب، ارتفاعاً بنسبة تزيد على 11 % ليواصل تحقيق أرقام قياسية جديدة، بعد إحراز مكاسب لسبعة أسابيع متتالية، مدفوعاً، بالارتفاع المتواصل في أسعار الطاقة، فيما قفزت أسعار الغاز الطبيعي المتداول في الولايات المتحدة بنسبة 40 %، بالتزامن مع ارتفاع تداولات النفط الخام، بنسبة تقارب 25 %.

وقال رئيس إستراتيجية السلع لدى «ساكسو بنك» أولي هانسن في التقرير: إن سوق الأسهم شهد تقلبات كبيرة الأسبوع الماضي، أكّدت اضطرابه الشديد الذي يمنعه من الازدهار في المنظور القريب، فيما سجلت عائدات السندات الأوروبية ارتفاعاً كبيراً، مقابل تراجع عائدات سندات الخزينة الأمريكية، ما أسهم في تزايد عمليات البيع على المكشوف باليورو، وتعزيز أطول سلسلة خسائر يتكبدها الدولار منذ أبريل الماضي؛ الأمر الذي ينعكس إيجاباً على أسواق السلع عادةً.

وأشار إلى أن أسعار الغذاء العالمية شهدت انتعاشاً في يناير، وفقاً لمؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء العالمية، الذي يتتبّع أسعار سلّة من 95 سلعة غذائية من حول العالم، الذي اقترب من رقمه القياسي في عام 2011 نتيجة للارتفاع الكبير في أسعار الحبوب وتكاليف المعيشة بشكل عام، فيما تباطأ معدل الارتفاع السنوي وتراجع لنسبة 19.5 % بالمقارنة مع نسبة 40 % التي سجلها في شهر مايو الماضي.

ويُعزى ارتفاع أسعار الغذاء خلال العام الماضي لمجموعة من الأسباب، كزيادة الطلب المرتبطة بتعافي الاقتصاد بعد الأزمة الصحية العالمية، والطقس المضطرب، واحتمالية تأثر الإنتاج لموسم جديد بالتطورات المرافقة لظاهرة لا نينيا المناخية، والتأثيرات المحتملة لانتشار كوفيد-19 على سلاسل التوريد والنقص في اليد العاملة، ويُضاف إليه ارتفاع تكاليف الإنتاج مؤخراً بسبب زيادة أسعار الأسمدة وتكاليف إنتاج الوقود، مثل الديزل.

وحققت الزيوت النباتية، وفي مقدمتها زيت الصويا وزيت النخيل، أفضل أداء هذا العام جراء الطلب الكبير على الوقود الحيوي المعتمد على النبات في ضوء الارتفاع المستمر لأسعار النفط الخام.

وواصل قطاع الطاقة زيادة الارتفاع الواسع في أسعار السلع، مع مواصلة أسعار النفط الخام في تسجيل ارتفاعات متتالية للأسبوع السابع على التوالي. وحقق كلّ من خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت ارتفاعات جديدة تخطت حاجز الـ90 دولارًا للبرميل، لتشير فروق الأسعار المتزايدة خلال الشهر القريب إلى نقص أكبر في العرض.

وتستمد أسعار النفط الدعم من التوترات الجيوسياسية، والطقس شديد البرودة الذي أثر على الإمدادات في تكساس، وتقرير الأسهم الأسبوعي الأخير الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، الذي يظهر انخفاضاً جديداً في مخزونات النفط الخام الأمريكية أدى إلى تخفيض الإنتاج اليومي بما يزيد على 300 ألف برميل منذ ديسمبر.

ويُستبعد أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته خلال وقت قريب، ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط على المخزونات الاحتياطية المتاحة، التي تنخفض بشكل شهري لتزيد من مخاطر ارتفاع الأسعار.

واستقر سعر الذهب، عقب موجة التعثر التي أطلقتها اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة في يناير، خلال الأسبوع في نطاق يتراوح حول 1800 دولار، مع زيادة العروض عند كل هبوط دون ذلك. بينما حافظت أسعار الفضة على ارتفاعها فوق معدل الدعم الرئيسي عند 22 دولارا، لكنها فشلت في إيجاد الزخم الذي ساعدها على تحقيق أداء متفوق ومتميز في مطلع شهر يناير.

وألقى ارتفاع عائدات السندات بظلاله على السوق، بعد أن اتفق البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا على مشاركة الاحتياطي الفيدرالي نظرته المتشددة حيال زيادة أسعار الفائدة للحد من التضخم. الأمر الذي ساهم، بشكل غير مقصود، في إحراز اليورو تقدماً كبيراً على الدولار، الذي يتجه إلى تسجيل أكبر تراجع أسبوعي له منذ نوفمبر 2020.

وتوقع التقرير ارتفاع أسعار المعادن الثمينة على المدى البعيد نتيجة لعدة أسباب منها: ازدياد التوجه نحو الذهب باعتباره وسيلة حماية وتحوّط ضد التضخّم في ظل تزايد تقلّبات أسواق الأسهم والسندات وسعي السوق للتكيّف مع ارتفاع أسعار الفائدة، إذ يُتوقع أن تبدأ اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة دورة رفع أسعار الفائدة في 16 مارس، التي ساهمت في السابق في تخفيض أسعار الذهب.

وأظهر الذهب بعض المرونة تجاه ارتفاع العائدات الحقيقية، ما دفع المستثمرين للتركيز على تحويط محافظهم الاستثمارية لمواجهة تباطؤ النمو، الذي أدى بدوره إلى انخفاض تقييمات أسواق الأسهم.

واستأنف المستثمرون من المؤسسات، خلال الشهر الماضي، نشاطهم بعد أن توقف العديد منهم في عام 2021، وبلغ إجمالي الحيازات في الصناديق المتداولة في البورصة، والمدعومة بالسبائك، أعلى مستوياته منذ أربعة أشهر.

ويؤدي أي ارتفاع بالطلب على بعض أبرز مؤشرات السلع في العالم، التي يشكل الذهب بين 5 % إلى 15 % من انكشافها، إلى ارتفاع الطلب على الذهب نفسه تلقائياً كما لوحظ مؤخراً.