أنيسة الشريف مكي

مقال للكاتب الكبير عبدالرحمن المرشد، مقال تكلم عن الواقع بلسان وحروف وكلمات الكاتب. أكرر عزائي للكاتب، تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته وأسكنها فسيح جناته و(إنا لله وإنا إليه راجعون). و(كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).

الجبال تدك، والأشجار والأحجار تذهب، والجن والإنس يموتون، والحيوانات تموت، ما يبقى إلا وجه ربك الكريم.

بالفعل يعتقد الإنسان كما تفضلتم أخي الكريم أن الزمن ثابت لا يتغير ولا يتحرك، للأسف لا شيء يبقى على حاله، تمر الأيام وتمضي الشهور وتتعاقب السنين، ولا نشعر بحركة الكون الدائمة، لا نحس بعدم ثباتها، تسرقنا مشاغل الحياة، وتتخطفنا أعباؤها، وننسى أن لا شيء باق، والبقاء لله وحده.

الزمان يهرب منا ولا نشعر به، يضحك نعم لكن لا يضحك طويلا، فهناك يوم يمر على الإنسان كأنه سنة، ويوم آخر كأنه ساعة، وكلاهما يوم ولكن بمشاعر مختلفة!

يقول الكاتب الفاضل: الزمن سريع ومتقلب بادروا قبل أن يسرقكم الزمن، وتقربوا إلى أحبائكم بكل ما تستطيعون ما دام إلى ذلك سبيلا، أما إذا تعذرت السبل فما على المؤمنين من حرج، لا تعتقدوا أن الجميع ينتظركم فاتحا ذراعيه حتى تنتهوا من أعمالكم خاصة والديكم، بل أجلوا العمل من أجلهم واقضوا حاجتهم لأنها رصيد ممتع جدا وذكريات رائعة تسترجعونها بكل سعادة بعد وفاتهم، لأن الجميع بعد لحظات اللاعودة عندما تسأله يقول عملت لوالدي أو أخي أو أختي، ومَن في حكمهم كذا وكذا، ونفذت لهم كل طلباتهم بكل سعادة وأريحية، أما الصنف الآخر فبالتأكيد ستأكل الحسرة والندم قلبه، ولكن لن يكون هناك خط رجعة.

وأقول: الوالدان رضاهما على أبنائهما ليس له حدود، ولا يحده زمان ولا مكان، حبهما والتضحية من أجل أبنائهما غير مشروطين. ثق تماما برضاهما عليك الذي سيبقى ظلا ظليلا يرافقك في حياتك كلها وما بعدها بعد عمر طويل بإذن الله تعالى، ورضا الله من رضا الوالدين.

قبل وفاة والدتي -رحمها الله وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة- وكنا طالبات صغيرات أذكر قبل وفاتها بأيام طلبت منا أن نجلس معها، لكن ظروف الامتحانات والمذاكرة في ذلك الوقت لم تمكنا، وحتى تاريخه أكذب لو قلت نسيت، فأنا دائما أتحسر وأقول ليتني تركت كل شيء وجلست معها.

اللهم لا اعتراض على مشيئتك، أتمنى أن يرضى ويقتنع ولو جزءا في ذاتي لارتاح، لأني لا يمكنني العودة إلى الماضي.. ولا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء فلن أستطيع أن أعيدها والحمد لله على قضائه وقدره.

(كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور).

Aneesa_makki@hotmail.com