محمد العصيمي يكتب:

استعدت مع حادثة الطفل المغربي ريان، -شفع الله به-، ما كنت وما زلت أسميه ضعف ثقافة السلامة، أو لنقل الاستسهال والتهاون في اتخاذ احتياطات السلامة في كل شؤون حياتنا بالعالم العربي.

هذا التهاون، أو الاستهتار، يبدأ من طريقة الغالبية لدينا في قيادة سياراتهم، وينتهي بالآبار و(مفاتش) الصرف الصحي، التي تلتهم الصغار بلا هوادة.

حين يقع الفأس في الرأس ونحك رؤوسنا، أسفا وحسرة على ما حدث، نكتشف أن الأم أو الأب مرا من فوهة البئر الخطيرة، ولم يعرها أي منهما انتباهه، وأن عاملا رفع غطاء شبكة صرف صحي ونسيها مكشوفة، وربما أيضا سرق لصوص الغطاء وباعوه في سوق الحديد.

كل ذلك يحدث ولا يتحمل أحد مسؤوليته؛ لأن لا الأب يدرك مغبة تهاونه واستهتاره، ولا المواطن الذي يرى حفرة مكشوفة يكلف نفسه عناء التبليغ عنها، ولا الجهة المسؤولة، إذا بُلغت، تحركت بالفعالية والسرعة المطلوبة.

حين التحقت بشركة أرامكو، بعد أن تجاوزت الثلاثين، ضايقني هذا الحرص الزائد لدى الشركة على قوانين السلامة وتطبيقاتها وعقوبات مخالفاتها. ومع مرور الوقت أدركت كم هي على حق في كل ما تفعله وتصر على تطبيقه مهما كلفها وكلفني الأمر.

وبذلك تكون هذه الشركة العملاقة، بمكتسباتها الأمريكية القديمة، قد فهمت ضرورات السلامة وطبقتها بحذافيرها في أماكن العمل، وفي كل شؤون ويوميات موظفيها. وهو ما يُفترض أن تفهمه وتفعله أية جهة ومنشأة، حكومية وغير حكومية في عالمنا العربي، لبناء ثقافة السلامة المجتمعية، وترسيخ قوانينها، ومراقبة إجراءاتها وتطبيقاتها، وإلا سنكون في كل حين مع ريان جديد وحسرات متوالية.

@ma_alosaimi