عبدالله العزمان

سار الخضر مع الكليم موسى «عليه الصلاة والسلام»، فخرق سفينة لمساكين يعملون في البحر، وقتل غلامًا، وأقام جدارًا لقرية امتنع أهلها عن إطعامها، لقد سار الخضر معه ليعلمه أن للحياة وجهًا آخر لم يكن ليتعرف عليه موسى من غير هذا الدرس العملي.

تترك وظيفة بعد أن ضيّق عليك فيها، لتكتشف أن مستقبلك أصبح في المكان الذي قدمت إليه، وتفشل فتاة في زواجها الأول ليعوّضها الله بخير من زوجها السابق، تقول أم سلمة رضى الله عنها: (قلت اللهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وأَخْلِف لي خَيرًا منها)، بعد أن مات أبو سلمة فأخلفني الله برسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخسر تجارة فتتحول إلى تجارة أكثر بركة من سابقتها، وتفقد صديقًا فيعوضك الله بأفضل منه.

للحياة وجه آخر مُشرق لا نراه، إما لعدم ثقتنا بأن ما أراده الله لنا خير لنا مما أردناه لأنفسنا، أو لنظرتنا القاصرة لظواهر الأمور، فيظن أحدنا أن لديه الدراية والخبرة الكافية للحكم على الأشياء فيعرف أن ما فاته خير مما جاءه، أو لطبيعتنا البشرية في الرغبة في إرادة الخير دومًا دون تحمّل ما تجري به المقادير (إن الإنسان خُلِق هلوعا إِذا مَسه الشر جزوعا).

المولى جل وعلا، قدّر لنا ما هو خير لنا، فدفع عنا شرورا كانت مُحدِقة بنا، وحمانا من مصائب لو حصلت لنا لأهلكتنا، قال عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليُخطئك).

لننعَم بحياةٍ هانئة، علينا أن ننظر إلى الجانب الآخر من المصائب، فلربما مصيبة صغيرة نزلت بنا، كانت أقل ضررًا بكثير من مصيبة أكبر منها. لذا فلننعَم بما قسمه الله لنا من خير ولنستعِن به على ما نزل بنا من مصائب (وتوكَّل على العزيز الرحيم * الذي يراكَ حين تقوم * وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم)، فللحياة وجه آخر.

قال الإمام الشافعي:

ولرب نازلةٍ يضيق لها الفتى ذرعًا... وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرجت... وكنت أظنها لا تُفرج

@azmani21