سعد الغنامي

إذا نظرنا إلى هذا التساؤل العميق ستصغر الحياة بمجملها في أعيننا عندما نكون بشريين بلا عبادة، والكثير من مثل هذه التساؤلات، التي تضرب وتيرة حساسة عند البشر كلماذا خلق الله الخلق؟

فقد سببت لي قلقا مفرطا أربك معيشتي وجعلتني أتفكر في نفسي وروحي وجسدي وحياتي وعمري، الذي يمضي والتجدد والانتهاء في فترات الزمن وذهابه وإيابه وسيري فيه جعلتني أفزع من نومي كل يوم حتى وجدت إن الفراغ الروحي، الذي أشعر به بين فينة وأخرى لا يحتاج إليه سوى قرآن وعبادات وصلاة، فعندما أقصر في عملي وعباداتي أرى موجات الحزن والاكتئاب تهجم عليّ كوحوش كاسرة مخيفة، وعقل لا يهدأ من التساؤلات والأفكار السوداوية والخوف من المجهول لقد منّ الله علينا بأن جعل لوجودنا هدفا وهو أن نعبده حق عبادته، ونعمر الأرض التي خلقنا فيها ونأكل منها، فقد وجدت الأرض لغذاء الجسد ووجدت العبادات، التي شرعها ربنا جل في علاه لغذاء الروح، وإن أهملنا تلك العبادات هلكت بالضنك كما قال تعالى في كتابه الكريم: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)، والضنك هنا يعني الضيقة، التي ترهق النفس وتقتل صاحبها وهو حي لا يعلم ماذا يحدث لنفسه حتى يعود إلى بارئها بالعمل الصالح والمخافة من رب البشر، كما في الجسد تماماً عندما تنهك وتتعب وتجوع، فهي بحاجة إلى غذاء ودواء تستعين به على الحياة حتى الممات، فعندما يسير العمر تعلم جيداً أنك تذهب إلى ربك بهذا السير البطيء، فالحياة عند رب البشر أجمل بكثير من الحياة على الأرض عندما تعمل صالحا وتذكر الله كثيرا وتخبره بحوائجك وحاجاتك والأصل في هذا الوجود الإنساني يكمن في آية قرانية نقرأها كل يوم، وقد لا يستشعرها البعض وهي في قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) العبادة الخالصة لوجه الله دون غيره وعبادتنا للعزيز جل في علاه هي لحاجتنا له وليس لحاجته لعبادتنا، فكم من أقوام بادت قبل أن نأتي إلى هذه الحياة عصت واستكبرت وكفرت، فبدلهم الله بأقوام غيرهم.

لذلك المعنى الحقيقي والغاية من هذا الخلق هي العبادة، وأن ما قد يصيبنا من اعتلالات نفسية وضيق وكدر يكون سببه البعد عن الطاعة والعبادات الخالصة لله، لذلك ابتعدوا عن مواطن الفتن واقتربوا لله بالطاعات، ففي حديث صحيح عن النبي -ﷺ- قال الله: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه؛ ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ؛ ذكرته في ملأ خير منه، وإن تقرب إلي شبرًا؛ تقربت منه ذراعًا، وإن تقرب مني ذراعًا؛ تقربت منه باعًا، وإن أتاني يمشي؛ أتيته هرولة».

ومن هذا المقال أحببت أن أجيب عن سؤال حاك في نفسي لحثها على التقرب من الله، وأتمنى أن يفيد غيري بالبحث عن الأجوبة، التي قد ترهق السائلين لمثل هذه التساؤلات فلا ضير في البحث والتعمق والمعرفة، خصوصاً في أمور الدين يقول المصطفى في حديث صحيح: «من يُرِدِ الله به خيرا يُفَقِّهْهُ في الدين».

@1_saad