عبدالرحمن المرشد

قبل الإسلام تواجدت ممالك كثيرة في جزير العرب مثل مملكة سبأ ومملكة معين ومملكة حمير ولكنها برغم شهرتها التاريخية الواسعة لم تكن تسيطر إلا على جزء بسيط من هذه المساحة، وبعد الإسلام مع ظهور الدولة الأموية وما تلاها من دول مثل العباسية والعثمانية وغيرها كانت السيطرة على المنطقة اسمية فقط وبالذات في منطقة الوسط مما أدى لظهور دول صغيرة شبه مستقلة - لا تسيطر إلا على أجزاء بسيطة - مثل الدولة الأخيضرية.

مع توالي السنوات لم يتغير الوضع في المنطقة بل ازداد سوءا وتفككا وفقرا وجهلا وصولا إلى فترة ما قبل الدولة السعودية الأولى، حيث كانت الحروب الطاحنة على أشدها بين المدن والحكام المحليين الذين لا يسيطر أغلبهم إلا على مدينة واحدة خلاف غارات القبائل بين بعظهم البعض التي تأكل الأخضر واليابس، مما أدى إلى انتشار الفقر والجهل وانعدام الأمن، حتى قيض الله لهذه المنطقة بطلا من أبطالها وأسدا من أسودها الإمام محمد بن سعود «رحمه الله» حيث استطاع بتوفيق من الله أن يوحد تلك الأجزاء المتناثرة تحت مظلة واحدة وأن يقيم السلم والعدل والأمن والاطمئنان في ربوع هذه الدولة المترامية الأطراف، مؤسسا لدولة لها ثقلها السياسي والعسكري دستورها كتاب الله وسنة نبيه الكريم. لتصبح أهم وأعظم وحدة في تاريخ جزيرة العرب، وحدت شعوبها بعد الشتات ولملمت مدنها المتناثرة تحت راية واحدة، تلا ذلك قيام الدولة السعودية الثانية بقيادة الإمام تركي بن عبدالله الذي استطاع دحر الغزاة وتحقيق إنجاز غير مسبوق بمقاييس ذلك الوقت.

بعد ذلك قام الدور الثالث من أدوار هذه الدولة المباركة على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - واستطاع من خلالها توحيد أغلب أجزاء جزيرة العرب لتصبح بعد ذلك من أهم الدول على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم بحضورها الديني من خلال الحرمين الشريفين وكذلك ثقلها السياسي في كافة المحافل الدولية وأيضا حضورها الاقتصادي الذي أهلها للانضمام إلى مجموعة العشرين كأهم عشرين دولة على مستوى العالم.

ما نعيشه حاليا من أمن واستقرار بفضل الله يتطلب منا أن ندعو لقادة هذه البلاد في أدوارها الثلاثة ورجالهم المخلصين بالرحمة والمغفرة وصولا إلى هذه المرحلة التي نعيشها نظير ما قدموه من تضحيات وبطولات لتأسيس هذا الكيان الشامخ مهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين الذي يعتبر حاليا علامة فارقة في كافة المجالات سواء على المستوى التعليمي حيث انخفضت الأميه لدينا بشكل كبير جدا وانتشرت آلاف المدارس للبنين والبنات في كافة مناطق المملكة خلاف انتشار الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، أما على المستوى الاقتصادي فيكفينا فخرا أننا من أهم عشرين اقتصادا على مستوى العالم من خلال مجموعة العشرين. وفي المجال السياسي تمتلك السعودية حضورا قويا في كافة المحافل الدولية بل تعتبر من أهم دول منطقة الشرق الأوسط ولديها الكثير من التحالفات الدولية المؤثرة. وعلى المستوى الإغاثي تعتبر المملكة من أهم دول العالم في هذا المجال، ولا يمكن أن تحدث كارثة طبيعية أو نتيجة حروب أهلية إلا وتجد السعودية لديها بصمات إغاثية ومساعدات ومعونات من خلال مركز الملك سلمان الإغاثي الذي وصل لكافة القارات بدون استثناء.

أجيالنا الحالية لم تعايش أوقات الفقر والجهل والخوف ولذلك يجب علينا تكريس اللحمة الوطنية والوقوف صفا واحدا خلف قيادتنا ونبذ الفرقة لنحافظ على مكتسباتنا وإنجازاتنا التي سبقت الكثير من الأمم.

@almarshad_1