د. محمود عبدالواحد الخميس

كلما مررت على الآية المباركة من سورة آل عمران (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) استوقفني تعريف سمات القائد الصالح الحقيقي (الرحمة، غير فظ القلب أي لطيف ولين، العفو، الاستغفار والصفح عن الآخرين، الشورى والأخذ بآراء الفريق، العزيمة والإقدام والتوكل والمحبة). فإن هذه السمات إذا لم تكن موجودة لدى القائد فالنتيجة هي تركه من قبل فريقه وينفضون من حوله. صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ومن تبعه بإحسان إلى يوم القيامة.

يعتقد الكثير أن المدير ينبغي أن يكون متحجرا قاسيا في التعامل حتى يسير العمل حسب ما يعتقده وبالطريقة التي يراها حتى ينجز العمل، أو أن التفرد بالرأي يعطي مهابة وسيطرة، وكل هذه المفاهيم خاطئة وهي من إفرازات الإدارة التقليدية والتي تعتبر أن خدمة الموظف الطويلة في مكان ثابت أو معين دليل على كفاءته الإدارية بغض النظر عما يتمتع من مهارات أو حتى تنمية ذاته في تعلم ما هو جديد لكسب المعارف بل لا يعرف متى وإلى أين يسير ولذلك نجد هؤلاء يغادرون الخدمة كما دخلوها.

ولهذا تغير ذلك المفهوم إلى القيادة ويلاحظ أنها توجد في المنظمات التي تتصف بالرسمية غير الرسمية وبدونها لا يستطيع المدير ضمان تحقيق الأهداف المحددة، فقد يكون لدى المدير مقومات التخطيط، التنظيم، الرقابة، ولكن ليس لديه مقومات القيادة وبالتالي قد لا يتحقق الهدف. ومن ثم فإنه يجب أن يكون المدير قائدا ليتحقق الهدف.

ولكن في التطبيق العملي قد يوجد عدد كبير من المديرين ليس لديهم المقومات القيادية اللازمة لتحقيق الأهداف، وكذلك قد يكون هناك أفراد لديهم المقومات القيادية ولكنهم لا يشغلون مناصب إدارية، وبالتالي فإنه من الأفضل أن يكون لدى المدير مقومات القيادة وإسناد الوظائف الإدارية للأفراد الذين لديهم هذه المقومات القيادية.

وفقا لما ذكره الأستاذ سليمان المطرودي في مقالة (القائد والمدير) والمنشورة في صحيفة الجامعة السعودية الإلكترونية حيث وضع فرقا بين القائد والمدير، أن القائد يولد حاملا جينات القيادة، ينميها ويعززها بالعلم والمعرفة والتجارب والممارسة والتدريب والخبرات، وقد لا يحمل أي مؤهل علمي عال. ويتميز بشحذ همم العاملين معه، ويبرز أعمالهم ويدعمهم للنجاح، ويصنع منهم قيادات ناجحة ويحدد وجهته، ويخبر فريقه بالاتجاه الذي يريد الوصول إليه، ليساعدوه في القيادة حتى تحقيق الهدف، تجده كريما بعطائه وتعامله وأخلاقه ومشاعره وبكل أمر إيجابي، يساهم في عطاء الفريق العامل معه، يحتفل بأي إنجاز وإن كان صغيرا، حتى تجتمع الإنجازات الصغيرة لتكون إنجازا كبيرا.

ويظل هناك بون شاسع بين خدمة المدير وخبرة القائد الناجح وما يتمتع به من التراكمية الثقافية والتدرج المعرفي المبني والمكتسب من خلال التجارب الحقيقية والتعامل الجيد مع إدارة الأزمات، حيث إنه واثق من ذات ملهم ومحفز لغيره، صانع قيادات المستقبل لا أتباعا متكررين منه، يرجو مرضاة الله، وصدق الله العظيم حين قال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).

vetmahmoud@hotmail.com