مكية فقيه

دعوت إلى منزلي إحدى صديقات أختي وجاءت برفقتها أختها القادمة من السفر، وكعادة النساء جاءت محملة بنوعين من الشوكولاته التي لم أتذوق مثل طعمها من قبل حتى أنني هممت بسؤالها عن اسم المحل الذي اشترت منه فقالت: (أنا اللي سويتها، فقلت لها: من جدك؟!! اعطني اسم المحل فقالت: هذا شغل بيت) فطلبت حسابها في الإنستجرام وما زلت غير مصدقة أنها هي من صنعتها بنفسها.

دخلت على الحساب وإذا بي ألمح اسم هرمون السعادة وقد كتبت في البايو (حلم فأمل فحقيقة أتمنى لكم السعادة فصنعت لكم ما يسعدكم)، تذكرت حينها دراستي الجامعية فقد كان تخصصي علم الأحياء وكان من ضمن دراستي دراسة الهرمونات فأصبح لدي فضول لمعرفة سبب هذه التسمية وما علاقة هرمون السعادة بالشوكولاته.

السعادة مصطلح واسع جدا، يشمل المشاعر الإيجابية، والمتعة، والرضى، والقناعة بالحياة، واستنادا إلى الدراسات الحديثة تبين أن شعور الإنسان بالسعادة لن يجعله يشعر بشعور أفضل تجاه الحياة فحسب، بل سيمتد ليترك تأثيرات إيجابية في جسم الإنسان وصحته، كما أن الأشخاص السعداء يميلون إلى الالتزام بنظام حياة صحي ورياضي، والجدير بالذكر أن الشعور بالسعادة يحسن عادات النوم التي من شأنها تعزيز التركيز والإنتاجية والحفاظ على وزن صحي للإنسان.

والمشاعر عبارة عن مجموعة من التفاعلات الكيميائية، التي تحدث بسبب وجود بعض الهرمونات في الجسم ومن بينها هرمون السيروتونين والدوبامين وهما من الهرمونات التي تعزز الشعور بالسعادة، علما أن تناول الشوكولاته يساعد على زيادة إفراز هذا الهرمون.

فمن هنا جاءت التسمية والشوكولاته غنية بالعديد من المركبات المعززة للحالة المزاجية، ويمكن للسكر أن يحسن المزاج لأنه مصدر وقود سريع للعقل، علاوة على ذلك، يمكن للشوكولاته أن تفرز سلسلة من المركبات التي تشعرك بالرضى مثل الكافيين.

وهنا يكمن سر العلاقة بين السعادة والشوكولاته وليست السعادة في تذوق قطعة من الشوكولاته وإنما السعادة الحقيقة في تحقيقها حلما طالما كان يراودها منذ الصغر فقد كانت تتمتع بمهارة عالية وحس راق في تذوق الشوكولاته وانتقائها ومعرفة مكوناتها، ومن هنا بدأت قصة نجاحها وانطلاق مشروعها الصغير وكلها أمل أن تصل به للعالمية.

اعجبتني كلماتها في البايو وشدتني لأقترب أكثر وأتعرف على هذا الحلم الذي أصبح حقيقة فذكرت لي قصتها التي بدأت منذ الصغر وكيف عملت على تطوير مهاراتها فقد التحقت بعدة دورات تدريبية في فن الشوكولاته، رغم أن هناك بعض الدورات كانت تشترط عدم الحصول على شهادة في نهاية الدورة إلا أنها كانت سعيدة بتطوير مهاراتها، فالسعادة تكمن في الإنجاز وتحقيق حلمها.

والآن ولله الحمد أصبحت تستقبل طلبات في المناسبات الخاصة والأعياد وتطمح أن تسافر إلى البلدان المشهورة بصنع الشوكولاته مثل بلجيكا وسويسرا وأن يرتبط هرمون السعادة بالعالمية ويكون لمشروعها اسمه الخاص وعلامته التجارية الخاصة.

أعجبني طموحها وإصرارها لتحقيق حلمها الذي كان يكبر وينمو معها حتى أصبح حقيقة لتدخل السعادة على قلوبنا وبطوننا.

m_f1396@