محمد العصيمي

أسوأ خيار يمكن أن تتخذه دولة هو خيار الدخول في حرب، أيا كانت هذه الحرب، أهلية أم مع دولة أخرى، محدودة أم شاملة، قصيرة أم ممتدة. ولذلك يتمنى القادة وشعوبهم لو ينامون على تهديد بالحرب ويصبحون على سلام وانقشاع لهذا التهديد.

ومثل كل دولة وكل شعب أنظر الآن إلى روسيا وأوكرانيا وشعبيهما، وأتمنى مخلصا أن تنقشع حربهما الدائرة، وتجتمع الدولتان إلى طاولة التفاوض التي تعيد الأمن إلى أراضيهما وتحفظ الأرواح وتحقن الدماء، وتمنع هذا الزحف البشري القسري إلى كل الحدود.

لكن، إذا تمعنا في الحروب عبر تاريخ البشرية، ونظرنا إلى حروب دارت في حياتنا قبل سنوات قليلة، نجد دائما من يكوم، عن بعد، حطب هذه الحروب، ويعمل على إذكاء النار بكل ما يملك من طاقة التحريض والتأليب لمصالح تخصه هو ولا علاقة لها البتة بمصالح المتحاربين.

أكاد لا أستثني حربا، قديمة أم حديثة، من هذه القاعدة (التحريضية) التي أنتجت وما زالت تنتج كل الحروب. وحرب روسيا وأوكرانيا، الدائرة حاليا، ليست استثناء من هذه القاعدة. هناك، مرة أخرى عن بعد، من له مصلحة في إطلاق رصاصتها الأولى، واستعارها، وصب مزيد من الزيت على حطبها المشتعل.

وبذلك تكون الحرب، أي حرب، خيار المتفرجين وليست خيار المتحاربين. هناك دائما، في كل حرب، من يطل من علو جبل بعيد وينفخ في الرماد كلما ابتعد المحاربون عن نواياه ومصلحته.

@ma_alosaimi