علا عبد الرشيد - القاهرة

البرمجة والتخيل والإبداع.. مهارات وظائف المستقبل

أحدث التحول الرقمي، والتطور التكنولوجي الهائل، وتحول العالم إلى عصر الاقتصاد الرقمي، واقعًا جديدًا، خصوصًا في طبيعة الوظائف التي يحتاجها سوق العمل، وتبدلت من الوظائف التقليدية إلى الوظائف الرقمية، أو ما يُعرف بوظائف المستقبل.

ولم تكن المملكة بمنأى عن هذا التطور، فمع التقدم الذي تشهده وتبنّي تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، تغيّرت مفاهيم وتوجهات الشباب السعودي حول سوق العمل بالسنوات الأخيرة؛ إذ أصبح الشباب أكثر إدراكًا أن وظائف المستقبل ستعتمد على الأتمتة والبرمجة والتقنيات الحديثة.

تطورات متسارعةوقال محمد عرفة المدير الإقليمي لإحدى شركات التقنية بالمملكة، إنه على الرغم من أن الرقمنة ليست موضوعا جديدا، إلا أن جائحة «كوفيد- 19»، جعلتها أكثر إلحاحا، مما جعل الحاجة ضرورية لتعلم مهارات التحول الرقمي، لمواكبة التطورات المتسارعة في سوق التوظيف، موضحًا أن لرؤية 2030 دورا كبيرا في دفع مسيرة التحول الرقمي؛ إذ أصبحت أكثر استجابة ومواكبة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية، وسرعت خطواتها في عصر الاقتصاد الرقمي.

وأضاف: تشير الدراسات إلى أن 45 ٪ من أنشطة العمل القائمة في أسواق العمل في المنطقة قابلة للأتمتة حاليا، وتبلغ نسبة تلك الأنشطة في المملكة 41 ٪، ويعتقد 84 ٪ من المديرين التنفيذيين أن الذكاء الاصطناعي سوف يخلق وظائف أكثر من الوظائف التي سيقوم بإلغائها لتبقى في صدارة القطاع.

أهم الوظائفوذكر عرفة أهم وظائف المستقبل التي سيزيد عليها الطلب، تتركز في مبرمجي ومشغلي ومراقبي الروبوتات، ومحللي البيانات، وموظفي مراكز قيادة الطائرات بدون طيار، وخبراء الصحة الشخصية، ومدربي ومشرفي قدرات الذكاء الاصطناعي، ومهندسي ومصممي تقنية «البلوك تشين»، ومصممي المنتجات ثلاثية الأبعاد، ومطوري تطبيقات ذكية، أخصائيي بيانات، أخصائي نانو تكنولوجي، أخصائي ذكاء اصطناعي، أخصائي كمبيوتر، مؤكدًا أن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، سيوفر ملايين من وظائف المستقبل.

واستطرد: غير أن الالتحاق بها يتطلب تعلّم مهارات خاصة، تتركز في المهارات التقنية، مثل مهارات الحاسب المتقدمة والبرمجة والرقمنة، والقدرة على التعامل مع الناس والتخيل والإبداع والإنتاجية ومهارات إدارة المشروعات والقدرة على العمل مع الضغوطات.

ضرورة تنافسيةورأى المتخصص في التقنية أن المهارات والقدرات الرقمية باتت شرطًا أساسيًا للتحول في الدول والاقتصادات، وتعتبرها الشركات من ضرورات التنافسية، فإنه يقع على عاتق الشركات دور تدريب الشباب على تعلّم واكتساب مهارات وظائف المستقبل؛ ليكونوا جاهزين لسوق العمل، وأن تولي اهتمامًا كبيرًا لتدريب الكفاءات السعودية، وتجهيزهم لسوق العمل في السنوات القادمة، والمساهمة في التحول الرقمي الذي تشهده المملكة، مؤكدًا أن التحول الرقمي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة ستغيّر بيئة العمل في السنوات المقبلة بشكل جذري عن بيئة العمل الحالية، حيث ستختفي المكاتب، ويزداد عدد الشركات صغيرة الحجم، ويتراجع هيكل السلم الوظيفي، حيث لن يكون هناك مكان للمديرين أو رؤساء العمل التقليديين، مع إفساح المجال للشباب الأصغر سنًا.

تمكين التقنياتوعرَّفت طالبة ماجستير، سايبر سكيورتي، عائشة الشهراني، التحول الرقمي بأنه مبادرة لتمكين التقنيات وتوطين المعرفة، موضحة أن هذا التحوّل الهائل في عصرنا الحالي، أسهم في إيجاد حلول فاعلة لمعظم الأزمات التي واجهها العالم خلال السنوات الأخيرة، وما يتوقع أن يواجهه في الأعوام المقبلة.

وأضافت: أما بالنسبة لتأثيرها على الوظائف فكانت واضحة بتوفير الوظائف عن بُعد، وتقليص عدد الموظفين، متابِعةً: وكان الاحتياج الأكبر في التخصصات التقنية.

وقالت بسمة أحمدوش، مستشار الأمن السيبراني بإحدى الشركات الرقمية، إنه ينبغي على الشركات أن تبذل مزيدًا من الجهود لتوفير التدريب التقني لموظفيها، إذ يسهم ذلك في تطوير أعمال تلك الشركات ومن ثم تحقيق نمو في أعمالها.

كفاءة الوظائفوأضافت أحمدوش إن الوظائف عبارة عن مجموعات من المهام وليست انعكاسًا بسيطًا لنوع واحد من المهام، مضيفة: بعض المهام يمكن استبدالها بالتحول الرقمي، ولكن هذا لا يعني أن الوظيفة بأكملها ستختفي؛ إذ تتطلب بعض الوظائف التدخل البشري؛ لاسيما التي تتطلب مهارات فكرية واجتماعية، وأيضًا المهن التي تحتاج تفاعلًا وجهًا لوجه.

واستطردت: مع ذلك هنالك الكثير من الوظائف التي سوف تختفي بالتحول الرقمي، وبالأخص الوظائف التي تركز على المهام الفردية الروتينية، حيث الرقمنة أثبتت بشكل كبير دورها في زيادة سرعة وكفاءة هذه الوظائف، وتحل محل العمل اليدوي، خاصة في المهام التي كان يؤديها الموظف بشكل فردي روتيني؛ مما يعني أن العمليات الرقمية تتولى المهام الأبسط، وبالتالي، لا حاجة لعدد من الموظفين للقيام بنفس المهمة، بل يجب أن يتمتع الموظفون بمؤهلات ومهارات أفضل.

أهمية التدريب

وعن دور الشركات في توفير التدريب المطلوب للشباب، رأت بسمة، أنه على أصحاب العمل القيام بتدريب الموظفين بأكثر من نوع تدريب منها، التدريب التقني والموجّه بشكل خاص لاحتياجات العمل وإتقان مهام الوظيفة، والتدريب على المهارات المهنية التي تساعد على تطور المهارات الفردية التي توسّع من مدارك الموظف، والتي بدورها تساهم في تطوير العمل ومهامه.

ومن خلال هذه التدريبات تخلق جيلًا واعدًا وبنّاءً وقادرًا على المساهمة في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 من خلال خدمة جميع الصناعات.