د ب أ - سان فرانسيسكو

قطع فريق من الباحثين في برنامج دراسات الجينوم بجامعة جنوب فلوريدا ومركز أبحاث الصحة العالمية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة شوطا طويلا في الكشف عن أسباب مشكلات الصحة النفسية التي يعاني منها بعض أبناء الشعب الرواندي جراء حملات الإبادة الجماعية التي تعرضت لها عرقية التوتسي عام 1994.

وفي أول دراسة من نوعها، عكف الفريق البحثي الذي ضم في عضويته الباحثة مونيكا أودين والباحث ديريك وايلدمان من كلية الصحة العامة على تحليل خريطة الجينوم أي المادة الوراثية الكاملة لنساء من عرقية التوتسي ممن كن حوامل وعاشن في رواندا خلال فترة الإبادة الجماعية وكذلك الأطفال الذين أنجبنهم، وقارنوا الحمض النووي الخاص بهذه الشريحة مع الحمض النووي الخاص بنساء أخريات من التوتسي وأطفالهن، ممن كانوا يعيشون في أجزاء أخرى من العالم وقت حدوث عمليات التطهير العرقي.

وخلال الدراسة التي تندرج في إطار علم ما فوق الجينات «التخلق» الذي يهتم بدراسة الطفرات الجينية الناجمة عن أسباب خارجية، توصل الفريق البحثي إلى أن أهوال الإبادة الجماعية ارتبطت بحدوث تغيرات كيميائية في الحمض النووي لدى النساء اللاتي عايشن تلك الفترة العصيبة وأطفالهن، وأضافوا إن كثيرا من هذه التغييرات وقعت في جينات ترفع من احتمالات الإصابة بالأمراض العصبية مثل اضطرابات ما بعد الصدمة أو الاكتئاب، وتشير هذه النتائج إلى أنه على خلاف الطفرات الجينية التقليدية، فإن التغييرات الجينية الناجمة عن التخلق لأسباب كيميائية تتسبب في ردود فعل سريعة وتنتقل عبر الأجيال.

وحدثت الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 بعمليات قتل عشوائي وصل عدد ضحاياها إلى 800.000 شخص، على مدار ما يقرب من 100 يوم من اغتيال الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا، في 6 أبريل حسب تقديرات «هيومان رايتس واتش».

وكانت قمة المواجهات العرقية العنيفة بين أقلية التوتسي، التي حكمت البلاد لقرون، وأغلبية الهوتو، الذين كانوا قد تولوا السلطة من 1959-1962 وأطاحوا بنظام التوتسي.

وفي أبريل 2021، اعتبر تقرير أعدّه مكتب محاماة أمريكي بطلب من رواندا، أن فرنسا تتحمل مسؤولية كبيرة عن الإبادة الجماعية، التي جرت عام 1994 بحق إثنية التوتسي، موضحا أن باريس لا تزال ترفض الاعتراف بتورطها في هذه المأساة.

وأكد معدو التقرير دور فرنسا في هذه المجازر، وقالوا «خلصنا إلى أن الدولة الفرنسية تتحمل مسؤولية كبيرة في جعل الإبادة الجماعية المتوقعة ممكنة» خاصة بالنسبة لإثنية التوتسي.

واعتبر هذا التحقيق الذي أعده مكتب المحاماة «ليفي فايرستون ميوز» بتكليف من الحكومة الرواندية في عام 2017، أن فرنسا كانت تعلم بالاستعداد لإبادة جماعية لكنها استمرت في تقديم «الدعم الراسخ» لنظام الرئيس الهوتو جوفينال هابياريمانا، واستمر هذا الدعم حتى عندما «أصبحت نوايا الإبادة الجماعية واضحة».

ويؤكد التقرير الأمريكي من جانبه أن فرنسا كانت «مساعدا جوهريا في إنشاء المؤسسات، التي أصبحت أدوات للإبادة الجماعية».