صالح شيحة

أتذكر يوما ما، حينما كنت صغيرا، ألعب مع أصدقائى أمام منزلنا، وإذ بأحد جيراننا يسأل أحد المارة عن الساعة، فيقول الساعة الآن..... لا أتذكر الساعة بالضبط، ولكنني أتذكر أني انتبهت لقوله إن المسلسل قد بدأ منذ خمس دقائق، وإذ بي أجري سريعا نحو المنزل، كي لا تضيع مني دقائق أخرى من المسلسل، ونتيجة لإسراعي، كدت أتكهرب لولا ستر الله.

وأتذكر مشهدا آخر لأحد جيراننا -رحمه الله- كان يذهب صباح كل يوم لشراء جريدة الأهرام، كي يقوم بقراءتها طوال اليوم.

في هذه الأيام التي أحكي عنها، لم يكن إلا مسلسلات قليلة، وجرائد قليلة، بمعنى أن المحتوى المقدم كان قليلا، أنت مجبر على مشاهدته أو قراءته، بل تقوم بالمشاهدة في وقت معين، طبقا للخطة الموضوعة من القناة.

الآن، اختلف المشهد تماما، وأصبح هناك آلاف القنوات، تعرض آلاف المسلسلات والأفلام والمسرحيات، وهناك الكثير من الجرائد، بل وهناك وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح المعروض كثيرا، والمشاهد أو القارئ، هو من يقوم باختيار المحتوى.

لقد تساءلت يوما، هل جودة المحتوى تؤثر على انتشاره؟ وجاوبتني نفسي أنه بالطبع، جودة المحتوى تؤثر على انتشاره.

ولكن، تبين لي شيء آخر، أن أهم من جودة المحتوى هو تسويق هذا المحتوى، فكم من طبيب ماهر، ولكن لم يقم بالإعلان عن نفسه، لا تجد أحدا في عيادته، بعكس طبيب ضعيف المستوى، ولكنه قام بالإنفاق على حملة تسويقية لنفسه، قد تحتاج للواسطة كي تقوم بالحجز للكشف عنده.

والأعجب حين ترى كمية المشاهدات لعمالقة الغناء دون ذكر أمثلة، ضعيفة ولا تستطيع وضعها في مقارنة مع البعض الآخر.

تجد أن المطرب قد أجاد في اختيار الأغنية كلمات ولحنا وتوزيعا.

ولكنه لم يقم بالشيء الأهم في الموضوع بأكمله، وهو التسويق.

ما يجب أن تتذكره دائما، أنه ما فائدة أن تقوم بصناعة منتج وتجيده، ولا تستطيع بيعه وتسويقه.

تذكر دائما أنك بدون تسويق جيد فاشل.

@salehsheha1