ميسه الحارثي

قديماً كان الحديث عن الاغتصاب والتحرش ونحو ذلك هو ما يشغل الساحة والحديث، إلا أن الحداثة التي يشهدها عصرنا ذاك تزامنت مع العديد من الجرائم الشنعاء، على رأسها تزايد معدلات الاعتداء الجنسي على الأطفال.

رعاية الطفل هي مسؤولية الآباء في المقام الأول، وهذه الرعاية لا تقتصر على المأكل والمشرب؛ بل على تربية الطفل وتنمية وعيه وثقافته، وحمايته من التعرض لمثل تلك الجرائم، التي يستغل فيها المجرمون جهل الأطفال وعجزهم عن الدفع عن أنفسهم.

آثار الاعتداءات الجنسية على الأطفال

كثيراً ما يكون الاعتداء الجنسي على الأطفال تحت التهديد، فيخشى الطفل إخبار أهله أو أقرب الناس إليه عن الأمر، وقد يكون ذلك الاعتداء من المدرسة أو من الزملاء والجيران، بل وحتى من الأهل، ما يلزم منه المراقبة الدائمة من الأهل والعناية بالطفل.

الآثار الناتجة عن الاعتداء الجنسي قد تظهر على المدى القريب أو البعيد، وتلازم الطفل بعد بلوغه بما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة، بما يؤثر على حياته الشخصية ويقوده إلى مشاكل نفسية عدة.

على أولياء الأمور أن يعيروا انتباههم لما يطرأ من تغيرات في حياة الطفل، أبرز ما يظهر على الأطفال في حالات الاعتداء الجنسي يتمثل في العزلة الاجتماعية والتزام الصمت حتى مع الأهل وأقرب الناس إلى الطفل.

بل ويصل الأمر إلى حد التبول اللا إرادي واضطراب النوم ورؤية الكوابيس في المنام، وأضف إلى ذلك القصور الدراسي والضعف البدني، الذي يطرأ على الطفل. كما أن بعض الأطفال تتغير طباعهم إلى الميول العدوانية والأفكار الانتحارية، وكذلك القلق عند ظهور تصرفات بعينها من الناس أو خوفهم من أماكن بعينها.

بعد بلوغ الطفل وإدراكه لما حدث مسبقاً، تأخذ بعض المشاكل في الظهور وتستمر لفترات طويلة، وجديرٌ بالذكر أن الاعتداءات الجنسية على الأطفال واحدة من أكثر المشاكل النفسية، التي تستعصي في علاجها والتخلص من آثارها.

تؤثر هذه الاعتداءات على ثقة الفرد فيمن حوله، والإصابة بالفوبيا أو الذعر من أماكن بعينها أو تصرفات بعينها، كما أن المشاكل النفسية تلازمهم بعض الزمن، كالاكتئاب والتوتر والأفكار الانتحارية، بالإضافة إلى بعض الاضطرابات المتعلقة بالأكل والتغذية والإدمان وإيذاء النفس.

الوقاية خير من العلاج

تربية الطفل والحرص على تنمية وعيه وتعليمه مبادئ الأخلاق، وأن يضع حدوداً لتعامل الآخرين معه، والبوح للوالدين بما قد يثير الريبة، ومتابعة الطفل ومَن يتعامل معهم، كل تلك عوامل من شأنها أن تحمي الطفل من الوقوع في براثن الاعتداء الجنسي.

وعلى مَن تعرض للاعتداء الجنسي في طفولته أن يمتنع عن النظرة الدونية إلى ذاته، وأن يأخذ بحقه ممن اعتدى عليه إن كان ذلك ممكناً، كما أن التوعية من هذه المشكلة، والحرص على إلحاق العدالة بمَن تسببوا في هذه المشاكل سيحول دون انتشار هذه الظاهرة.

يأتي عقب ذلك دور المختصين لتجاوز تلك المحنة وما نتج عنها من آثار واضطرابات نفسية أو مشاكل جسدية، وهي الرحلة التي تستغرق بعض الوقت وتستلزم معونة من الدائرة الاجتماعية للفرد. واجتهد في تلك الفترة أن تعطي نفسك حقها ووقتها في التعافي دون الضغط على نفسك، وتجنب اتخاذ أية قرارات مصيرية في تلك الفترة من الزمن.

@AlharthiMaysa