بدر الصيوان

كعادتها الحرب تلقي بظلالها على كل مناحي الحياة، فتدمر فيها كل شيء، فلا يقتصر البارود في دماره على المباني والبنية التحتية بل يمتد ليشمل جوانب متعددة كالإنسانية والنفسية وحتى الاقتصادية.

ويعد الجانب الاقتصادي الجانب الأكثر أهمية وقد يتوقف عليه صمود هذه الدولة أو انكسارها وزوالها حيث يعد الاقتصاد الأوكراني اقتصادا ناشئا حقق نموا سريعا حتى عام 2008.

تمتلك أوكرانيا قدرات زراعية كبرى تمثل أهمية على المستوى العالمي في عدد من المنتجات، حيث تحتل المركز الأول عالميا في صادرات زيت دوار الشمس والثالثة عالميا في إنتاج وتصدير العسل ناهيك عن صادرات القمح فتعد خامس مصدر للقمح في العالم، وتبلغ قيمة صادراتها 7.03 % من الصادرات العالمية، بقيمة 3.1 مليار دولار.

ولكن الحرب كعادتها تأبى أن تبقى مؤثراتها محصورة ضمن نطاق الدول المتحاربة وخصوصا في العصر الحديث حيث تتشابك اقتصادات العالم مع بعضها البعض بنظم مالية معقدة.

ففي اليوم الأول للحرب قفزت أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة حيث وصل سعر برميل النفط لحوالي 105 $ للبرميل الواحد، إضافة لارتفاع سعر الغاز المرتبط أساس بروسيا أحد طرفي الصراع، وتأثرت العديد من دول العالم بارتفاع أسعار المواد الغذائية والتي تعتمد بشكل أساسي على المواد الغذائية المستوردة من أوكرانيا كالقمح والزيت النباتي ليشكل بذلك عبئا مضافا للتضخم العالمي الحاصل بعد جائحة كورونا.

لوحت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بسلاح (الردع الاقتصادي) حيث يعتمد هذا السلاح على فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا فيرى البعض أن العقوبات الاقتصادية يمكن أن تحد إلى حد ما الحرب العسكرية وقد تفقدها الموارد الداعمة لها في الحرب فصعدت أي الدول الغربية رويدا رويدا حتى انتهى بها المطاف لفصل النظام المالي الروسي عن نظام Swift، وهو نظام مالي عالمي يسمح بانتقال سلس وسريع للمال عبر الحدود ويمكن أن يحد ويقيد حتى التحويلات المالية من وإلى روسيا وبحسب «بي بي سي» ستفقد الشركات الروسية الدخول للمعاملات السلسة واللحظية التي يوفرها نظام «Swift» وستتأثر المدفوعات الخاصة بمنتجات روسيا المهمة في قطاع الطاقة والزراعة سلبيا بدرجة كبيرة للغاية.

ومن المرجح أن تضطر البنوك إلى التعامل مباشرة مع بعضها البعض، مما يضيف التأخير والتكاليف الإضافية، ويؤدي في النهاية إلى قطع الإيرادات عن الحكومة الروسية.

وكعادتها الأزمات بالرغم من فرزها للكثير من الخاسرين إلا أنها لا بد من وجود رابحين ومستفيدين أيضا، حيث صرحت صحيفة الإندبندنت حول احتمال استفادة دول الخليج من التطورات الأخيرة على الساحة الأوكرانية لجهة تصدير النفط والغاز وخصوصا بعد إيقاف أوروبا استيراد الغاز إلى حد كبير من روسيا.

أما على صعيد الأسواق المالية فقد سجل سهم شركة أرامكو السعودية ارتفاعا قياسيا خلال التعاملات الأخيرة واحتلت أرامكو المركز الثاني بعد شركة آبل العالمية من حيث القيمة السوقية، مستفيدة من بلوغ أسعار النفط العالمية أعلى مستوياتها منذ عام 2014، بسبب تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا على إمدادات الطاقة في العالم.

@baderalsiwan