صالح بن حنيتم

عندما تدق طبول الحرب تتراقص الشركات المصنعة للأسلحة طربا لأن سوقها ينتعش في الحروب ويصاب بالكساد في السلم، وفي المقابل وجود مفردة الحرب بحد ذاتها في أي خبر أو مشهد مفزعة للشعوب لما لها من تداعيات على حياة البشر واقتصادهم.

فالأمن والاستقرار والازدهار يغيب مع إشراقة شمس الحرب الحارقة، وعلينا ونحن نعيش في أمن ورخاء أن نستلهم العبر من غزو روسيا لدولة أوكرانيا لا أن نتداول النكات كما يحدث في بعض الجروبات والمجالس والمقاطع هنا وهناك، علينا أن نحمد الله على نعمه، وننظر كيف تحول الأمن الأوكراني إلى خوف، والاستقرار إلى هروب من الوطن ولجوء إلى عدة دول مجاورة، وأصبح الشعب الأوكراني يبحث عن ملجأ، وعن الطعام والدواء، خاصة لكبار السن والأطفال.

وفي المقابل، خسر الاقتصاد الروسي العديد من الشراكات مع بعض الدول والشركات بما في ذلك الخطوط الروسية نتيجة تطبيق الحظر الجوي، وفي خطوة لم يسبق لها مثيل كانت الإجراءات العقابية، التي تفرضها الدول الأوروبية على روسيا قاسية، فهل كانت هذه التداعيات في الحسبان الروسي أم في رأس (بوتين)؟.

فقد قررت النرويج خلال هذه الأزمة شطب الأصول الروسية من صندوق ثروتها السيادي، الذي تبلغ قيمته 1.3 تريليون دولار، بالإضافة إلى تجميد ممتلكاتها في الصندوق الروسي. أيضا أعلنت شركة شل التخارج من مشاريعها المشتركة للغاز المسال، التي تمتلك فيه 27.5 %، فيما تمتلك غاز بروم 50 %. في روسيا ومن بينها مشروع نورد ستريم 2 ومشروع ساخالين -2 وانضمت إلى الشركات المنسحبة الشركة البريطانية (BP)، حيث أعلنت عن انسحابها من رأسمال شركة روسنفت الروسية والبالغة حصتها فيها 19.75 %.

وقال بوتين ردا على هذه العقوبات: «لقد دعوتكم للحديث عن القضايا المتعلقة بالاقتصاد والتمويل، وبالطبع العقوبات التي يفرضها علينا ما يسمى بالمجتمع الغربي، هذه إمبراطورية الأكاذيب، التي تعمل على فرض عقوبات ضد بلدنا». لقد صدق فيما قال، فهل ينسى التأريخ الادعاءات الأمريكية على العراق عندما غزاه بحجة وجود أسلحة دمار شامل اتضح فيما بعد كذبهم بقيادة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، وسار في ركابه رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير، الذي اعترف بما اقترف فيما بعد ولكن مَن بحاسب الكبار (العتاولة)، وهذه من سنن الكون القوي يفرض نفسه ولن يدفع ثمن بعض قراراته، التي لم يوفق فيها، وهنا يتساءل كل مَن يشاهد الأحداث والتداعيات الاقتصادية على شعبي البلدين الروسي والأوكراني وربما تمتد للدول المجاورة أو أبعد من ذلك.

وبعيدا عن السياسة علينا أن نستلهم العبر، وأن للحرب ثمنا باهظا، حيث تفقد الشعوب الأمان، فيحل الخوف والجوع وعدم الاستقرار ولما للأمن والاحتياجات الأساسية من أهمية في حياتنا، فقد صور العالم (إبرهام ماسلو) فيما عرف بهرم تدرج الحاجات Maslow's hierarchy of needs)‏. وأساس هذه النظرية حاجات الإنسان ولخصها فيما يلي: الاحتياجات الفسيولوجية، وحاجات الأمان، يأتي بعد ذلك الاحتياجات الاجتماعية، والحاجة للتقدير، وتحقيق الذات. وعليه فالأمن المطلب الأساسي، وعلينا جميعا أن نعلم أن هناك دولا وجماعات يزعجها ما نحن فيه من أمن واستقرار وازدهار، ولديهم أجندات شيطانية وطرق متعددة للنيل من بلدنا، فلنكن حصنا منيعا كل في موقعه نستشعر المسؤولية ليبقى الوطن والمواطن والمقيم في أمن واستقرار بقيادته الحكيمة، وهذا بيت القصيد.

Saleh_hunaitem@