عبدالله العزمان

(زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله)، عندما فقد النبي عليه الصلاة والسلام أمه كان في السادسة من عمره، ورغم ذلك عندما وقف على قبرها بكى وأبكى من حوله، مضى على وفاة والدتي أكثر من اثني عشر عاما، ولكنني كلما ذكرتها أو وقفت على قبرها لا أكاد أحبس دموعي حزنا عليها.

فأنا أتذكر كيف أنها قاست معي مذ ولادتي، حيث أجريت لي أكثر من عملية في قدمي، واحتبست رجلي في الجبس لقرابة السنتين، عانت معهما الأمرين، وأذكرها حين كانت تجمع المال لتفرحني به وتفرج عني، وأذكر طعامها الذي لا يوازيه طعام أفضل طهاة العالم، وأذكرها بدعواتها التي حفظني الله بها طول حياتي.

إني حين أفتقد أمي أفتقدها في أشياء كثيرة في حياتي، أفتقد دعاءها الذي كان وقودي وزادي في الحياة، أفتقد ابتسامتها المضيئة والمشرقة، أفتقدها في كل لحظات الفرح التي مرت علي، في حصولي على أكثر من وظيفة مرموقة، وفي بنائي لبيتي وسكنه، وفي فرحتي بزفاف ابنتي، وتخرج أبنائي.

للأم مكان لا يسده أحد، وفراغ لا يملأه شيء، ولحديثها حلاوة لا يمكن وصفها، قد لا نشعر عظمته حال وجودها، ولكن عندما نفقدها، نجد فراغا كبيرا في حياتنا، ونجد أننا قد كبرنا سنينا طويلة بعد فراقها، ولم يعد أحدنا بعد ذلك الابن المدلل الذي يحتفى به ويهيأ له المكان.

إنني لأغبط كل من له أم على قيد الحياة، وأسأل الله أن يتم على أمه الصحة والعافية وألا يحرمه برها ووصلها، وأوصيه بها قدر ما يستطيع وأن يحرص دائما على إدخال الفرح والسرور عليها.

إن من نعم الله علينا أن جعلنا مسلمين ووعدنا بالاجتماع بوالدينا (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين).

أسأل الله العلي العظيم أن يرحم والدينا وأن يختم لنا وإياكم بالعمل الصالح وأن يلحقنا بهم في جنات النعيم.

قال الشاعر

أحن إليك إذا جن ليل وشاركني فيك صبح جميل

أحن إليك صباحا مساء وفي كل حين إليك أميل

أصبر عمري.. أمتع طرفي بنظرة وجهك فيه أطيل

وأهفو للقياك في كل حين ومهما أقوله فيك قليل

على راحتي كم سهرت ليال ولوعت قلبك عند الرحيل

@azmani21