عبدالله الألمعي

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية أخبارا لا يستسيغها عاقل ولا تمرر حتى على الجاهل، بتسويق أمر يخالف العقل بأكمله، وإن وضعت المبررات لذلك، فإنها مبررات زائفة لا محل لها إلا بوضعها في دائرة سوداوية للغاية.

هناك خبر من عشرات الأخبار -ونستشهد به لمقالتي هذه- أن طبيباً كان يهوى مهنة الخبازة وراثةً من أبيه، ولكنه اتجه في بداية حياته ليلتحق بدراسة «الطب» ثم في منتصف حياته يترك «الطب» ليتجه من المستشفى إلى المخبز!

المهن جميعها من أعلاها لأدناها لا ننتقصها سواء كان الشخص دكتوراً أم عامل نظافة طالما أنها مباحة في شريعتنا الإسلامية، ولكن الإشكالية العظمى، التي تجعل من الشخص في غضب واسع أن يدرس شخصاً سبع سنوات قلت أو كثرت من عمره ثم يتجه لمهنة أخرى دون مسببات واضحة، وإن كانت مبررة ولكن أجد أن هناك خللاً في عدم استقطابه!

لننتقل من هذا الخبر المحزن، ونذهب لجانب آخر ونتساءل كم من أبناء هذا الوطن الغالي يحملون الشهادات العليا، ومن جامعات عريقة، ويمتلكون علماً قد اكتسبوه تلقيناً وذاتياً وصاروا اليوم يمتهنون مهنا في غير تخصصاتهم كون سوق العمل لا يرغب بهم أو كما يقال «مكتفين».

ليس من المعقول أن يصبح ابن الوطن تائها في وطنه، والآخرون من البلدان الأخرى يتبرحون في كل وظيفة، و«يتخيرون» في أي مجال يرغبون فيه، بالرغم أن نسبة كبيرة وصلوا هنا على مهن مخالفة تماماً عما يمارسونه اليوم، وللأسف نجدهم في الواجهة من كل منظمة عمل.

تشكر وزارة الموارد البشرية على توطينها ولكن لعل هذا التوطين كأنه على استحياء! نحن لا نرغب في توطين المهن الصغرى ابدأوا من الكبرى فإنها الأهم اليوم لدى الشاب السعودي، وأقولها في هذه المقالة وأنا أحد الشواهد على عطالة سنتين كاملتين دون شاغر وظيفي لكي أخدم هذا الوطن الغالي، وأرد شيئا بسيطا على ما قدمه لي وغيري الكثير...

فرفقاً بأصحاب الشهادات لأنهم عانوا طلب العلم وأرادوا بذل الغالي والنفيس لتوظيف علمهم لهذا الوطن، ولكن لم يجدوا لهذا اليوم الفرصة المناسبة، التي يقدمون ما يطمحون إليه، ينتظرون وطال انتظارهم ولنا في الانتظار فرج.

ندرك كامل الإدراك أن سوق العمل السعودي مزدحم للغاية، ونشارككم هذه الإشكالية، ولكن هناك حلولا عديدة لا تعد ولا تحصى، وإن كانت مزعجة لفئة دون فئة، ولكن أبناء الوطن هم أولى ولو تكلفت هذه الحلول لخسائر نفسية للبعض!

@Asir_26