محمد العصيمي

مساء يوم الجمعة الماضية كنت مدعواً من مركز «إثراء» في الظهران لحضور ملتقى إعلامي، وهالني ما وجدته من أن المركز يكاد يتحول إلى مقهى كبير يديره هواة من الذين، -فيما يبدو-، لم يقرأوا في حياتهم كتاباً واحداً، ولا يعرفون مثقفي البلد، ولا يفرقون بين قائد الرأي، وبائع البطاطا.

كل همهم رجالاً ونساءً، -إلا مَن رحم الله-، هو التأنق والظهور بآخر صيحات الموضة. أي أن المسألة أصبحت شكلية محضة، لا فكر ولا مضامين ثقافية فيها. وهذا، كنتيجة، طبيعي إذا كنت تُعين في المركز موظفين صغارا وليسوا مثقفين كبارا.

في بواكير إنشاء «إثراء» كان الأمل كبيراً في أنه سوف يسهم في بلورة ودعم الأنشطة الثقافية بكل صورها، وسيقلب الطاولة على الإسهام التقليدي للمؤسسات الثقافية، التي كانت كسيحة أو عرجاء في أدوارها وتطويرها للمشهد الثقافي.

وفعلاً حدث شيء من هذا في السنوات الأولى من عمره، ثم وقع في فخ التقليدية والتكرار. وجف سريعاً نبع الابتكار والإبداع في أعماله ونشاطاته، إلى أن وصل إلى مرحلة «عادية» لا تجذب الجماهير، ولا تُضيف شيئاً يُذكر للمشهد الثقافي والتنويري في المنطقة وفي المملكة.

وقد سبقه إلى أعمالٍ إبداعية رائعة ومؤثرة كثير من المؤسسات والهيئات الثقافية الأخرى، حكومية وغير حكومية، نتجت عن رؤية 2030 وأثرت الساحة بالفعاليات والنشاطات المؤثرة، بما في ذلك الثقافة العالمية، التي يُفترض أن المركز مختص وحفي بها.

وبالتالي، إذا أذنتم لي، أرى أن على الإدارة العليا، في شركتنا العملاقة أرامكو، أن تُعيد النظر في وظائف وأدوار «إثراء» الثقافية والإبداعية، وتُخرجه من تقليديته، التي وقع فيها. وأهم ما يُفترض أن تأخذه بعين الاعتبار استقطاب المثقفين المبدعين إلى وظائفه القيادية والتشغيلية، لأن هذه هي الخطوة الكبرى الأولى في انتشاله من وضعه الحالي، الذي يُفقده طعم الإبداع ورائحة الثقافة. ولا مانع أن يُشكل له مجلس استشاري، من كبار المثقفين والمبدعين السعوديين والعالميين، يعينونه في أعماله ونشاطاته، ويوفرون أسباب إبداعه.

@ma_alosaimi