محمد حمد الصويغ يكتب:

أفكار وخواطر

أظن أن شيوع «الخروج عن النص» في المسرح خاصة أكثر من شيوعه في نصوص التمثيليات التلفازية والإذاعية، وأكثر من شيوعه في نصوص الأغنية أيضا، فما سبب هذا «الخروج» ولماذا يلجأ إليه الممثل وهو على خشبة المسرح؟ والأسباب كثيرة وقد تكون متضاربة أحيانا وقد تحمل شيئا من «الوجاهة» في بعض المواقف، وقد لا تكون وجيهة في كثير من الحالات، فالخروج عن النص إذا أضاف شيئا جديدا لا يخرج عن «الإطار العام» لمدلول النص فاحسب أنه خروج لا ضرر منه في هذه الحالة، لأنه قد يدعم جماليات النص ويزيده قوة على قوته، ويضيف إليه بعدا فنيا جديدا، ولست مع المقولة التي أرى أنها تجانب الصواب «أحيانا» والتي تقول بأن الخروج عن النص لا يكون لازما في الحالات التي يكون فيها النص «ضعيفا» أما إذا كان النص قويا فمن العبث أن يلجأ الممثل إلى الخروج عنه، وهذا مفهوم خاطئ «من وجهة نظري الخاصة» على الأقل، فليس صحيحا أن الخروج عن النص في حالة قوته لا ضعفه قد لا يضيف إليه شيئا، أو قد يسيء إلى بنائه الشكلي، أو يعبث بمضمونه بطريقة قد تؤدي إلى خلخلة معانيه وإلحاق أفدح الضرر بها.

إن الخروج عن النص في الحالتين معا، حالة القوة والضعف، قد يضيف أبعادا جديدة للنص بشرط ألا يكون هذا الخروج على حساب فكرة الموضوع التي عالجها المؤلف في نصه، فالخوف من الخروج إنما يكمن في احتمال أن يأتي الممثل بأفكار جديدة مغايرة للأفكار التي طرحها المؤلف في عمله، وهذا أمر غير جائز حتى وإن كان النص ضعيفا في شكله ومضمونه، فلا بد أن يرقى الممثل بأذواق النظارة لا أن يعمد إلى إفساد أذواقهم، وهذا الأمر لن يتأتى إلا بالتزامه بالنص، أو الخروج عنه بطريقة «مأمونة» أي بطريقة لا تؤثرعلى مضمون النص، حتى وإن حاول الجمهور نفسه أو «بعضه» تبعا لذوق فاسد أن يجر الممثل إلى الإسفاف من أجل الضحك أو التهريج أو كليهما معا، لأن الانخراط في سلك الإسفاف لا يعني في حقيقة الأمر «خروجا عن النص» كما يتبادر إلى أذهان بعضنا ولكنه يعني الانخراط في البذاءة والهذر وفيهما خطر ماحق على الأخلاق والأعراف والمثل والآداب العامة المرعية.

mhsuwaigh98@hotmail.com