عمر بن عبدالرحمن الشدي

في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية، وما تبعها من عقوبات طالت الجانب الروسي، فُتحت تساؤلات كثيرة حول ما يحدث، ولماذا كُسرت قواعد مهنية في الصحافة وحريتها عالمياً مؤخراً في أكثر من موقف، والتي كانت أكبر ما يحدد به تصنيف الدول ورقيها لدى منظمات الحقوق والحريات؟!، «وإن كنت أرى أن تلك المنظمات منحازة وليست محايدة» هي ليست لب حديثنا اليوم.

ومربط الفرس هنا أو سبب كتابتي، هو في الحقيقة أسئلةٌ دارت في رأسي حول لماذا الصحف الورقية باقية في ظل الثورة الرقمية حتى الآن في دولٍ هي مَن ابتكرت النظام الرقمي العالمي مثل أمريكا وغيرها، ولماذا تدعم من قبل جهات متعددة أشبه ما يقال عنها ذراع خفية لتلك الدول، بل وتقاتل لحمايتها ليست هي فقط، بل كل ما يمس الإعلام الداخلي؟.

غالبنا يعلم أن الإعلام قوة كبيرة لا يستهان بها، وبالذات الإعلام الداخلي، فهو ذو أهمية إستراتيجية عالية لحماية الدول وتوجيه رسالتها، ولكن عندما يسيطر عليه من الخارج ومن دول أخرى يبات في الحقيقة أن الجولة في الإعلام خسرت أهدافها، وأقصد هنا سيطرة الدول على الإعلام الجديد، ومنحه مَن تشاء وقطعه عمن ترى حسب توجهها.

ونعود لسؤالي الأول: لماذا لم تتخل تلك الدول عن إعلامها الداخلي وبالذات الصحف الورقية وما شابهها، ولن أضع إجابة وافية، بل تساؤلا أعظم وهو: هل باتت تلك الدول لا تأمن الإعلام الجديد لذلك تصر على الحفاظ على قوة وفنون الإعلام الرصين والتقليدي أكثر، حيث هي الأبقى لأن تدوم للدول في حال حصل أي حدث في العالم كحروب أو قطع لخطوط الإنترنت العالمي أو كما حصل مع شخصيات بارزة عالمية من حظرها من دخول عدد من وسائل التواصل الاجتماعية، أو ما حدث لروسيا اليوم من شل لحركة تواصلها عالمياً وعدم قدرة صحافتها وتجارتها وأعمالها من الوصول للمستفيد عالمياً، أو ما قامت به دول مثل روسيا والصين من بناء شبكات داخلية، والاعتماد على تطبيقات حديثة محلية الصنع لتعويض التطبيقات الخارجية وسيطرتها على التوجيه الداخلي للدول من خلال بث التوجهات المختلفة والرسائل والأهداف بطرق غير مباشرة من خلالها وعبر مستخدميها، للوصول لغايات معينة.

هنا لا أنادي بترك مواقع التواصل، بالعكس يجب الاجتهاد بالتواجد فيها وفي كل جديد منها، ولكن من المهم تحصين الناس علمياً بكيفية التعامل معها، وكذلك التقوية والحفاظ على الإعلام الداخلي بكل صنوفه، فهو الأكثر استدامة وبقاءً، وهو الصديق الوفي لنا عبر الزمان.

يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: «ما حك جلدك مثل ظفرك، فتولى أنت جميع أمرك»، وأعتقد أن هذه المقولة مستند جميل لتقوية مخرجاتنا الداخلية والاستفادة منها في حماية أمننا وبناء مستقبلنا والارتقاء والوصول للمراتب العليا.

@alsheddi