حسين السنونة - الدمام

القصة عالم جميل ودخولها ليس غريبا على سكان القرى

أكد القاص والكاتب عبدالله المطمي أنه لا يمكن فصل المشهد الثقافي في منطقة عن الأخرى، فالمشهد واحد والمحفزات واحدة والعقبات تتشابه، وأشار خلال حواره مع «اليوم» حول أهمية النقد البناء إلى أنه مطلب لكل كاتب وضرورة لحفز مسيرته الإبداعية وتوجيهها التوجيه السليم، وذكر المطمي أن الرواية لا تزال تسيطر على المشهد الأدبي في الظهور والبروز أكثر من القصة، وذلك بسبب رحابتها في التناول السردي للأحداث.

لا يمكن فصل المشهد الثقافي في منطقة عن الأخرى فالمحفزات واحدة والعقبات تتشابه

النقد البناء مطلب كل كاتب وضرورة لحفز مسيرته الإبداعية وتوجيهها

تجويد الكتابة عمل مضن لا بد من الصبر عليه وعدم الاستعجال فيه

- كيف دخلت عالم القصة؟

عالم القصة جميل ومحبب للجميع، والدخول إليه ليس غريبا على أحد من سكان الريف أو القرى، فالحكاية والقصة تكاد تكون زادا يوميا لهم يحكون أو يستمعون، وكأنهم خلقوا ليحكوا أو يسمعوا، حتى الأخبار والأحداث يتناقلونها فيما بينهم في شكل قصصي، لا يخلو من انحياز الراوي.

- في رأيك لماذا حضور القصة ما زال ضعيفا مقارنة بالرواية؟

هناك تحسن في تلقي القصة في هذه المقارنة، وإن كان لا يزال للرواية سلطتها في الظهور والبروز بسبب رحابتها في التناول السردي للأحداث والإسهاب في تجارب وحيوات الشخصيات عكس القصة التي تضيق بها المساحة، وإذا ما قِسنا العناء والجهد الذي يقتضيه العمل الروائي مقارنة بما يبذل في كتابة القصة القصيرة تقبلنا هذا الفارق، ويبقى المقياس الحقيقي هو جودة العمل فنيا سواء كان قصة أم رواية.

- بعض نصوصك القصصية مغرقة في العاطفة الإنسانية.. لماذا؟

طبيعي أن تكون بعض نصوص القاص كما ذكرت، فالإنسان السوي يشعر بالمعاناة التي يشاهدها أمامه ويعيشها، فتشكل له منهلا غزيرا للكتابة تحت تأثيرها، فتنعكس على نصوصه سواء كانت آلاما أم مباهج.

- كيف يستطيع القاص أن يحافظ على القوى السردية في نصوصه المتنوعة؟

الإخلاص للكتابة وتجويدها عمل مضن لا بد من الصبر عليه وعدم الاستعجال فيه، والتيقن أن بعدك قارئ ذكي فطن يستطيع الفصل بين الجيد والرديء من الكتابات والحكم عليها، كل ذلك يجعلك حريصا على الارتفاع بمستوى نصوصك بما يمنحها القبول والرضا لدى القارئ، وتسريب رسالتك أو مشاعرك عبر نصوص متقنة ومقنعة، وهذا ما يصبو إليه كل كاتب، وطبيعي أن ننجح أحيانا ونخفق أحيانا أخرى.

- كيف استطعت أن تجمع في نصوصك بين الحِسين الفلسفي والفني وهو ما صنع شخصيات قوية في نصوصك؟

الشخصيات التي تختارها للقصة هي من تصنع قوتها من خلال دورها في الأحداث، حتى إنك لتجد بعض هذه الشخصيات أقوى منك ككاتب، فلا تستطيع أن تجعلها كما تريد أنت، بل تسايرها كما هي قوية وتبحث لها عن أفعال جديرة بها، ثم إن لكل شخصية مهما كانت بسيطة فلسفتها التي تتصرف من خلالها، وتبقى مهارة الكاتب التأملية هي القادرة على إبرازها.

- هل المطلوب من القاص أن يمارس دور المصلح في المجتمع؟

لا.. ليس هذا دوره، ولكن دوره الكتابة الإبداعية المستوفية للشروط الفنية للمتعة والكتابة عن حياة المجتمع بحيادية ومصداقية، وقد تجد صوت المصلح ولكن دون قصدية منه، والعمل الإبداعي في نهاية المطاف يحمل حين يحمل قيما نبيلة على نحو غير مباشر ولا مؤثر على الناحية الفنية.

- هل تتعمد بساطة التناول وسهولة المعالجة في نصوصك؟

البساطة هي طبعي الحياتي وبالتالي تجدها فيما أكتب، وأيضا هي مطلب حياتي، ولكي أصل إلى الكثير من القراء الذين يفضلون ذلك، فأنا أكتب كما أعيش وكما أفكر بهدوء وبساطة.

- هل تتعمد في نصوصك القصصية لغة الإيحاء بدل المباشرة؟هناك منطقة وسطى بين الرمزية الغامضة والمباشرة الفجة، وهذا ما أرجو أن يكون متحققا في نصوصي، ثم ليكن إيحاء أو تقنية سردية، فالعبرة بالنتيجة التي أرجو أن تكون ناجحة.

- كيف تمارس سحرك اللغوي والقصصي على القارئ؟

يختلف القراء في موقفهم مما كتبت قبولا ورفضا، لذلك فمن الصعب أن تستولي على إعجابهم وقبول ما كتبت، ولكن بحكم خبرة الكاتب بأساليب الكتابة يستطيع الوصول بقصصه إلى الناس حسب لغتها وموضوعاتها وقوة شخصياتها، وتبعا لذلك لابد من مراعاة انسجام اللغة مع طبيعة الشخصيات وحركة الأحداث.

- هل هناك عقبات تقف أمام المشهد الثقافي في أبها؟

لا يمكن فصل المشهد الثقافي في منطقة عن الأخرى، فالمشهد واحد والمحفزات واحدة والعقبات تتشابه، ولا يعدم مشهد ثقافي أن يعترض العاملون فيه بعض العوائق، ولكن القائمين على المؤسسات الثقافية أقدر على تشخيصها، فأول وظائفهم تذليل هذه العقبات.

- هل أنت راض عن المشهدين النقدي والثقافي في المملكة؟

النقد البناء مطلب لكل كاتب وضرورة لحفز مسيرته الإبداعية وتوجيهها التوجيه السليم، أما كممارسة له ففي كل كاتب هناك ناقد خفي يتدخل تلقائيا في كل ما يكتب، ولكن ليس لي شخصيا ولع بالنقد كدراسة وتنظير، وعلاقتي بالنقاد جيدة ولا أستغني عنهم وأفيد من تعليقاتهم على نصوصي، وتجربتي مع النقاد ذات طابع ودود ومفيد، كما أن المشهد الثقافي في المملكة نشيط وفي حراك دائم ومتنوع، وما نراه أو نقرؤه في وسائل الإعلام المختلفة شاهد على ذلك، سواء العام أو الخاص، ووزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة ومنصاتها المتعددة تبذل جهودا مشكورة في سبيل إحداث حراك قوي في المشهد الثقافي.

شخصيات القصة هي من تصنع قوتها من خلال دورها في الأحداث