المثقفون اختلفوا حول دوافعها واتفقوا على تأثيرها في الحركة الثقافية
يؤدي ازدهار الحركة الثقافية إلى قيام الكثير من المعارك الأدبية التي تزيد الحراك الثقافي بشكل كبير، خاصة عندما تصبح حديث العامة وليس الخاصة، ويختلف المختصون حول سبب هذه المعارك الأدبية المشتعلة بين لفيف من الأدباء، فبعضهم يرى أنها مظهر من مظاهر التوهج والتجديد والانطلاق في عالم الفكر والأدب، والبعض الآخر يقول إنها تحدث بدافع الغيرة والسباق المحموم نحو الصدارة ونيل لقب عمادة الأدب خاصة في العصور التي تجمع كوكبة من الأدباء والمثقفين، وفي النهاية يطرح التساؤل نفسه: هل انتفع منها الأدب أم أنها كالفقاعة ما تلبث أن تنطفئ دون أن تترك أي أثر في الحياة الثقافية؟
تغيير المفاهيم
وأوضح الناقد د. سلطان بن سعد القحطاني أن المعارك في معظمها صبت في صالح الأدب والنقد، إذ إنها تشجع المبدع على كتابة منتج أدبي، ثم تشجع الناقد على نقد هذا المنتج، ما غير من مفهوم النقد، لأنه كان ينظر إليه بأنه سلبي أو سيئ، وهذا مفهوم خطأ جدا، فالنقد هو عمود يسند الإبداع، ولولا النقد ما ظهر وشاع هذا الإبداع، وسيبقى رهين مكانه، فالمعارك أفادت حركة الأدب، وظهر لها جيل وتعود عليها جيل، مؤكدا أنها عمل إنساني فيه الإيجابي وفيه السلبي، والسلبي فيها كثير عبر بعض التعديات، لكن في الأساس هذه المعارك بنيت على أكتاف أناس تخلصوا من تلك السلبيات وأبرزوا الإيجابيات، كما أن كل عمل إنساني لا يخلو من نقص، والنقص موجود دائما ولكن شيء خير من لا شيء.
قيمة كبيرة
أما الأستاذ المشارك في الأدب المقارن بالجامعة الإسلامية د. صالح العمري، فأوضح أن السبب الرئيسي في نشأة المعارك الأدبية هو محاولة الصعود على أكتاف الأسماء الكبيرة، فقديما العقاد انتقد شوقي لأن أحمد شوقي ملأ الدنيا وشغل الناس، كذلك نقد طه حسين للمنفلوطي جزء منه شخصي للظهور والصعود على أكتاف الآخرين، لكنْ أيضا جزء منه حق، لأن هناك تطورا حقيقيا في عقلية الأديب، فعقلية العقاد ليست هي عقلية شوقي، وكذلك الأمر لجيل محمد حسن عواد وجيل حسن شحاتة رحمهما الله، كلاهما نشأ في جيل في بيئة محافظة جدة، وحاولوا أن يجددوا، ففي جزء منها هو محاربة للواقع وإثبات أن الشباب لديهم القدرة.
وأضاف: ولا ننسى نقطة ثانية مهمة، وهي أن كثيرا من المعارك تتعلق بالشباب وروح الشباب، إما لأن أحد الطرفين من الشباب، وهذا ما يجعلهم سريعي الغضب كثيري المشاغبة محبين للمشاركة، وهي أشياء تضيف إلى الأدب إضافة عظيمة جدا، لأن محمد حسن عواد كتب قصيدة من نحو 500 بيت في هذه المعركة، وحسن شحاتة كتب ما يزيد على 200 بيت في قصيدة واحدة، وهذا إبداع يدرس ويفيد الأدب كثيرا، صحيح أن فيه جوانب سلبية معينة لدرجة أنها منعت من النشر، لكن الحقيقة أن لها قيمة كبيرة، لكن في هذا العصر قلت المعارك كثيرا لأن هناك نوعا من الأدب المزيف، أستطيع أن أقول إن كل أديب يحاول أن يظهر نفسه في غاية الرقي والتعامل الحضاري مع الآخرين، ربما في مجال الخاصة لكن في النقد يتحاشون النقد المباشر، إلا أن هناك مكاسب مشتركة بين الأدباء، الأمر الآخر أنهم ربما يخافون من الملاحقات القانونية والقضائية التي لم تعد تسمح بالجرأة التي كان مسموحا بها في السابق.
مجرد تقليد
ورأت الباحثة والناقدة د. فايزة بنت أحمد الحربي، أن المعارك الأدبية في صحافتنا كان لها دورها في نهضة أدبنا، ولكنها لم تكن فاعلة بل مقلدة لما كان في مصر ولم تصل إلى منزلتها، إذ إن ما كان في مصر تميز بالتنوع، فمعارك دارت حول الفكر والأدب واللغة بين كبار الأدباء، وكان لها دورها في نهضة الأدب الحديث، ووجدت صداها في كتاب مشهور بعنوان «المعارك الأدبية» لأنور الجندي، وما ذكرته الأوراق التي قدمت في ملتقى النص مؤخرا أن هذه المعارك كانت مجرد تقليد، ونهضتها في الأدب السعودي أتت لاحقة، لأنها كانت تطرح أفكارا متناثرة حول التجارب الشعرية، متأثرين في ذلك بالتيارات النقدية الوافدة من الأدب المصري أو المهجري، وأبرز من خاص المعارك الأدبية العواد متأثرا بالعقاد وفكره، وموقفه من شعر شوقي والمحافظين عامة.
وتابعت: أيضا كانت هناك معارك حول اللغة أقامها الرافعي، وأشهرها المطالبة بتمصير اللغة بمعنى استبدال العامية بالفصحى، وفي تصوري أن ما مر بمصر انتقل إلينا بحكم القرب الجغرافي وخاصة عند أدباء منطقة الحجاز في عصر النهضة، ولكن تميزت بأنها نقلة ساذجة لم تكن بذلك العمق الثقافي والفكري الذي كان في مصر، لأن مصر خاضت المعارك الأدبية لأسباب سياسية وفكرية، فقضية تمصير اللغة مثلا لها علاقة بهوية اللغة وبهوية مصر العربية التي وقعت تحت براثن الاستعمار، أما العقاد فما طالب به من تجديد مفهوم الشعر انطلق من تأثره بالثقافة الإنجليزية بأن ينطلق الشاعر من ذاته ويكتب عن الحياة الواقعية، معارضا في ذلك توجه أصحاب المدرسة الكلاسيكية فيما انطلقوا إليه.
المؤيدون: من مظاهر التوهج والتجديد والانطلاق في عالم الفكر والأدب
الرافضون: تحدث بدافع الغيرة والسباق المحموم على التفوق وعمادة الأدب
إنتاج إبداع مفيد للأدب رغم جوانبها السلبية الواضحة
دور مؤثر للمنافسات بالصحافة في النهضة الثقافية
تغيير المفاهيم
وأوضح الناقد د. سلطان بن سعد القحطاني أن المعارك في معظمها صبت في صالح الأدب والنقد، إذ إنها تشجع المبدع على كتابة منتج أدبي، ثم تشجع الناقد على نقد هذا المنتج، ما غير من مفهوم النقد، لأنه كان ينظر إليه بأنه سلبي أو سيئ، وهذا مفهوم خطأ جدا، فالنقد هو عمود يسند الإبداع، ولولا النقد ما ظهر وشاع هذا الإبداع، وسيبقى رهين مكانه، فالمعارك أفادت حركة الأدب، وظهر لها جيل وتعود عليها جيل، مؤكدا أنها عمل إنساني فيه الإيجابي وفيه السلبي، والسلبي فيها كثير عبر بعض التعديات، لكن في الأساس هذه المعارك بنيت على أكتاف أناس تخلصوا من تلك السلبيات وأبرزوا الإيجابيات، كما أن كل عمل إنساني لا يخلو من نقص، والنقص موجود دائما ولكن شيء خير من لا شيء.
قيمة كبيرة
أما الأستاذ المشارك في الأدب المقارن بالجامعة الإسلامية د. صالح العمري، فأوضح أن السبب الرئيسي في نشأة المعارك الأدبية هو محاولة الصعود على أكتاف الأسماء الكبيرة، فقديما العقاد انتقد شوقي لأن أحمد شوقي ملأ الدنيا وشغل الناس، كذلك نقد طه حسين للمنفلوطي جزء منه شخصي للظهور والصعود على أكتاف الآخرين، لكنْ أيضا جزء منه حق، لأن هناك تطورا حقيقيا في عقلية الأديب، فعقلية العقاد ليست هي عقلية شوقي، وكذلك الأمر لجيل محمد حسن عواد وجيل حسن شحاتة رحمهما الله، كلاهما نشأ في جيل في بيئة محافظة جدة، وحاولوا أن يجددوا، ففي جزء منها هو محاربة للواقع وإثبات أن الشباب لديهم القدرة.
وأضاف: ولا ننسى نقطة ثانية مهمة، وهي أن كثيرا من المعارك تتعلق بالشباب وروح الشباب، إما لأن أحد الطرفين من الشباب، وهذا ما يجعلهم سريعي الغضب كثيري المشاغبة محبين للمشاركة، وهي أشياء تضيف إلى الأدب إضافة عظيمة جدا، لأن محمد حسن عواد كتب قصيدة من نحو 500 بيت في هذه المعركة، وحسن شحاتة كتب ما يزيد على 200 بيت في قصيدة واحدة، وهذا إبداع يدرس ويفيد الأدب كثيرا، صحيح أن فيه جوانب سلبية معينة لدرجة أنها منعت من النشر، لكن الحقيقة أن لها قيمة كبيرة، لكن في هذا العصر قلت المعارك كثيرا لأن هناك نوعا من الأدب المزيف، أستطيع أن أقول إن كل أديب يحاول أن يظهر نفسه في غاية الرقي والتعامل الحضاري مع الآخرين، ربما في مجال الخاصة لكن في النقد يتحاشون النقد المباشر، إلا أن هناك مكاسب مشتركة بين الأدباء، الأمر الآخر أنهم ربما يخافون من الملاحقات القانونية والقضائية التي لم تعد تسمح بالجرأة التي كان مسموحا بها في السابق.
مجرد تقليد
ورأت الباحثة والناقدة د. فايزة بنت أحمد الحربي، أن المعارك الأدبية في صحافتنا كان لها دورها في نهضة أدبنا، ولكنها لم تكن فاعلة بل مقلدة لما كان في مصر ولم تصل إلى منزلتها، إذ إن ما كان في مصر تميز بالتنوع، فمعارك دارت حول الفكر والأدب واللغة بين كبار الأدباء، وكان لها دورها في نهضة الأدب الحديث، ووجدت صداها في كتاب مشهور بعنوان «المعارك الأدبية» لأنور الجندي، وما ذكرته الأوراق التي قدمت في ملتقى النص مؤخرا أن هذه المعارك كانت مجرد تقليد، ونهضتها في الأدب السعودي أتت لاحقة، لأنها كانت تطرح أفكارا متناثرة حول التجارب الشعرية، متأثرين في ذلك بالتيارات النقدية الوافدة من الأدب المصري أو المهجري، وأبرز من خاص المعارك الأدبية العواد متأثرا بالعقاد وفكره، وموقفه من شعر شوقي والمحافظين عامة.
وتابعت: أيضا كانت هناك معارك حول اللغة أقامها الرافعي، وأشهرها المطالبة بتمصير اللغة بمعنى استبدال العامية بالفصحى، وفي تصوري أن ما مر بمصر انتقل إلينا بحكم القرب الجغرافي وخاصة عند أدباء منطقة الحجاز في عصر النهضة، ولكن تميزت بأنها نقلة ساذجة لم تكن بذلك العمق الثقافي والفكري الذي كان في مصر، لأن مصر خاضت المعارك الأدبية لأسباب سياسية وفكرية، فقضية تمصير اللغة مثلا لها علاقة بهوية اللغة وبهوية مصر العربية التي وقعت تحت براثن الاستعمار، أما العقاد فما طالب به من تجديد مفهوم الشعر انطلق من تأثره بالثقافة الإنجليزية بأن ينطلق الشاعر من ذاته ويكتب عن الحياة الواقعية، معارضا في ذلك توجه أصحاب المدرسة الكلاسيكية فيما انطلقوا إليه.
المؤيدون: من مظاهر التوهج والتجديد والانطلاق في عالم الفكر والأدب
الرافضون: تحدث بدافع الغيرة والسباق المحموم على التفوق وعمادة الأدب
إنتاج إبداع مفيد للأدب رغم جوانبها السلبية الواضحة
دور مؤثر للمنافسات بالصحافة في النهضة الثقافية