ترجمة: إسلام فرج

قادة الاتحاد الأكثر تواضعا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية

قالت صحيفة «آسيا تايمز» إن أوروبا تحتاج إلى إلقاء نظرة فاحصة على نفسها، بعد ما أثبتت الأزمة الأوكرانية أن قادتها لا يملكون ما يلزم للتعامل معها.

وبحسب مقال لـ «بوافينتورا دي سوزا سانتوس»، فالقارة أثبتت عدم قدرتها على التعامل مع أسباب الأزمة، وإن أوروبا محكوم عليها الآن بالتعامل مع عواقبها.

ومضى يقول: رغم أن غبار هذه المأساة لم يهدأ بعد، فإننا مضطرون لاستنتاج أن قادة أوروبا لم يفعلوا وليس لديهم ما يلزم للتعامل مع الوضع المطروح. وسوف يسجلهم التاريخ على أنهم قادة أوروبا الأكثر تواضعا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وأردف: إنهم يتأكدون الآن من أنهم يبذلون قصارى جهدهم فيما يتعلق بالمساعدة الإنسانية، ولا ينبغي التشكيك في جهودهم في هذا الصدد، لكن سبب قيامهم بذلك هو حفظ ماء الوجه في ضوء أكبر فضيحة في عصرنا.

وتابع: على مدى السنوات الـ70 الماضية، حكم هؤلاء القادة السكان الذين كانوا في الطليعة من حيث تنظيم أنفسهم والتظاهر ضد الحرب أينما وقعت، لكن اتضح أنهم لم يكونوا قادرين على الدفاع عن هؤلاء السكان أنفسهم من حرب كانت تختمر في الداخل منذ عام 2014 على الأقل.

وبحسب الكاتب، تستعد كل من روسيا والولايات المتحدة لهذه الحرب لبعض الوقت.

روسيا تكدسوأضاف: في حالة روسيا، كانت هناك مؤشرات واضحة في السنوات الأخيرة على أن البلاد كانت تكدس احتياطيات ضخمة من الذهب وتعطي الأولوية للشراكة الإستراتيجية مع الصين. كان هذا ملحوظا بشكل خاص في المجال المالي، حيث كان الاندماج المصرفي وإنشاء عملة دولية جديدة هو الهدف النهائي، وفي مجال التجارة كانت هناك مبادرة الحزام والطريق والإمكانات الهائلة للتوسع التي ستفتحها في جميع أنحاء أوراسيا.

وتابع: فيما يتعلق بالعلاقات مع شركائها الأوروبيين، أثبتت روسيا أنها شريك موثوق يوضح مخاوفه الأمنية، وكانت هذه مخاوف مشروعة، إذا توقفنا فقط عن التفكير في أنه في عالم القوى العظمى، لا توجد مصالح جيدة ولا سيئة، وأن المصالح الإستراتيجية فقط التي يجب استيعابها.

وأردف: كان هذا هو الحال مع أزمة الصواريخ عام 1962، عندما رسمت الولايات المتحدة خطا أحمر فيما يتعلق بتركيب صواريخ متوسطة المدى على بُعد 70 كيلو مترا من حدودها، لا ينبغي التفكير في أن الاتحاد السوفييتي كان هو الوحيد الذي استسلم، لأن الولايات المتحدة أزالت أيضا صواريخها متوسطة المدى من تركيا.

وتساءل الكاتب: إذن كانت هناك مقايضة واتفاق دائم، فلماذا لم يكن ذلك ممكنا في حالة أوكرانيا؟

الهيمنة العالميةوأضاف: في مواجهة تراجع الهيمنة العالمية التي تمتعت بها منذ عام 1945، تحاول الولايات المتحدة بأي ثمن تعزيز مناطق نفوذها، وذلك للحفاظ على مزاياها في التجارة والوصول إلى المواد الخام للشركات الأمريكية.

ومضى يقول: لم تهدف سياسة تغيير النظم إلى إنشاء ديمقراطيات؛ بل تهدف إلى إنشاء حكومات موالية لمصالح الولايات المتحدة. لم تنشأ دولة ديمقراطية واحدة من التدخلات الدموية في فيتنام وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا.

وأردف: لم يكن الترويج للديمقراطية هو ما دفع الولايات المتحدة إلى دعم الانقلابات التي أطاحت بالرؤساء المنتخبين ديمقراطيا في هندوراس (2009) وباراغواي (2012) والبرازيل (2016) وبوليفيا (2019)، ناهيك عن انقلاب 2014 في أوكرانيا.

وتابع: كانت الصين المنافس الرئيسي للولايات المتحدة لبعض الوقت الآن. في حالة أوروبا، تقوم إستراتيجية الولايات المتحدة على ركيزتين هما استفزاز روسيا وتحييد أوروبا، وألمانيا على وجه الخصوص.

استفزاز البلدينولفت إلى أنه في عام 2019، نشرت مؤسسة راند، وهي منظمة معروفة للدراسات الإستراتيجية، تقريرا بعنوان «توسيع روسيا»، تم إنتاجه بناء على طلب البنتاغون. ويوضح التقرير بالتفصيل كيفية استفزاز البلدين بطرق يمكن أن تستغلها الولايات المتحدة.

ونقل عن التقرير قوله: نحن ندرس مجموعة من الإجراءات غير العنيفة التي يمكن أن تستغل نقاط الضعف والقلق الفعليين في روسيا.

وأشار إلى أن استفزاز روسيا تم بتوسيع منظمة حلف شمال الأطلسي باتجاه الشرق، وهو ما يخالف ما تم الاتفاق عليه مع الزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف في عام 1990.

وأردف: عندما أعلنت منطقتا دونيتسك ولوهانسك الاستقلال لأول مرة بعد انقلاب 2014، لم تدعم روسيا مطالبهما، لقد فضلت الحكم الذاتي داخل أوكرانيا، على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات مينسك. وكانت أوكرانيا، بدعم من الولايات المتحدة، هي التي مزقت الاتفاقات وليس روسيا.

شريك ثانويونبه إلى أن الأولوية فيما يتعلق بأوروبا هي تعزيز مكانتها كشريك ثانوي لا يجرؤ على التدخل في سياسة مناطق النفوذ بين البلدين.

ولفت إلى أن هذا هو السبب في أن الاتحاد الأوروبي وبشكل مفاجئ وجد نفسه مستبعدا من الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأضاف: تطلبت إستراتيجية الشريك الصغير أن تصبح أوروبا أكثر اعتمادا، ليس فقط من الناحية العسكرية؛ ولكن أيضا فيما يتعلق بالاقتصاد ومجال الطاقة على وجه الخصوص.

وخلص إلى أنه وهم قاسٍ الاعتقاد أنه يمكن أن يكون هناك سلام دائم في أوروبا دون أي تنازلات من الجانب الغربي.

وتابع: أوكرانيا، التي ننادي جميعا باستقلالها، يجب ألا تنضم إلى الناتو. هل احتاجت فنلندا أو السويد أو سويسرا أو النمسا إلى حلف الناتو من أجل الشعور بالأمان؟ الحقيقة هي أنه كان ينبغي تفكيك حلف الناتو بمجرد انتهاء حلف وارسو.