عبدالله الغنام

بعد أن تحدثت في مقال سابق عن «اليوم العالمي للأحياء البرية» لفت انتباهي أحد الإخوة الأفاضل إلى أهمية البيئة البحرية، التي لا تقل منزلة عن البرية في التوازن البيئي والطبيعي. ومن ضمن ملاحظاته القيّمة أننا نهتم أكثر بالبيئة البرية لأننا نراها أمام أعيننا بينما الأحياء البحرية هي منسية تحت الماء فلا بواكي لها!

ولكن في الواقع نحن لم ننسها، فنقلا عن المنصة الوطنية الموحدة: «تولي المملكة الحياة تحت الماء اهتماما كبيرا، فقد اعتمدت المملكة على إستراتيجيات وسياسات تحد من العبث أو التهاون في المنظومة البحرية».

ومن باب التذكير بالمحافظة على بيئتنا بأشكالها المتنوعة، وددت أن نكتب عن هذا الموضوع الحيوي والمهم لعله يشد الانتباه أكثر، ويسلط الضوء على ما تحت الماء من كائنات وأحياء تمثل موارد غذائية وغنية بالخيرات. وهو أيضا من باب التذكير بالشكر والحمد، والاعتناء بهذه النعم حتى تدوم. وأضف إلى ذلك أن طائفة منا تستمتع وتهيم بمشاهدة مناظرها الخلابة وأعماقها وأسرارها.

ومن الأمثلة، التي تثار من وقت إلى آخر في مسألة المحافظة على البيئة البحرية صيد أسماك القرش وبيعها من قبل بعض الصيادين، حيث إنه ليس لها مردود مالي يذكر، كما أن لحومها لا تتميز بالمذاق الجيد كما يقال. وفي المقابل، فإن لها دورا مهما في المحافظة على التوازن البيئي البحري. وهذا مجرد مثال كما أسلفنا، فهناك أنواع أخرى من الأسماك والكائنات البحرية، التي تعاني وتحتاج منا كأفراد ومؤسسات وشركات أن نكون على قدر من المسؤولية والوعي بأن هذه ثروات وطنية لا بد من المحافظة عليها من أجل التوازن البيئي، والخزن الإستراتيجي المستدام، ومن أجل أجيال من ذرياتنا هي قادمة. والحقيقة المؤسفة أن الصيد الجائر وغير المسؤول يؤثر سلبا وبشكل مباشر على هذه الأهداف والإستراتيجيات.

ولا مفر من أن نقول إننا نتحمل جزءا من المسؤولية في معرفة القوانين والأنظمة واللوائح، التي توضح طرق وأساليب ومواسم الصيد البحري. فالإنسان كائن مستهلك (ونهم أحيانا) وهو لاعب أساسي في هذه المنظومة البيئية، وتقع على عاتقه الحفاظ عليها من أجل الاستدامة.

ومن المقترحات أن تكون هناك مبادرة لفكرة التكثيف في إعطاء محاضرات والدروس ودورات بشكل مستمر في التوعية عن الصيد البحري، ونشر المعرفة بأدوات صيد الأسماك المسموح منها والمخالف، والتعليم والتدريب على أنظمة السلامة في البحر، ورفع مستوي الوعي الحضاري والبيئي، والتذكير بالمسؤولية المجتمعية، وكذلك التنويه بالعقوبات المترتبة على المخالفين. وأن يكون كل ذلك متوافرا بشكل مباشر (أونلاين) للصيادين أو المهتمين في المجال البحري والبيئي أو متوافرا على موقع إلكتروني يحتوي على النشرات والمواد مسجلة أو من خلال تطبيقات الجوال. ولعله من نافلة القول الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال أو تبادل المعرفة والخبرة على المستويين الإقليمي والدولي.

ومن الممكن أيضا الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في سرعة نشر المعلومة والمعرفة. وهو مجال رحب وخصب للطاقات الشابة، التي تفضل هذه الوسائل الحديثة في نشر العلم والتوعية، حيث إن استخدام هذه الوسائل في وقتنا الحاضر سيصل بنا إلى كل شاطئ وقارب وسفينة.

واسمحوا لي أن أقترح (اليوم العالمي للأحياء البحرية) أسوة بالبرية، لأنه حاليا لا يوجد في قائمة الأيام العالمية يوم مخصص ومحدد لها في الموقع الرسمي لهيئة الأمم.

وختاما، من الجدير بالذكر والملاحظة أننا وللحمد لله نملك قانونا عاما وصالحا لكل زمان ومكان (في الجو والبر والبحر)، وهو قوله سبحانه وتعالى: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين».